شهيد جديد من الشرطة فى سيناء!. هذه المرة نقيب من قوة مكافحة الإرهاب الدولى بالأمن الوطنى. تلك القوة التى أعدتها الداخلية، على مدار سنوات طويلة لمواجهة الإرهاب، بتدريبات ومهارات وكفاءات عالية. والأهم أن النقيب الشهيد محمد السيد عبدالعزيز أبوشقرة هو مسؤول متابعة ملف اختطاف الجنود، كما قالت قصة «المصرى اليوم»، أمس.
وطبقاً لمصادر أمنية لـ«المصرى اليوم»، فإن الضابط كان مكلفاً بمتابعة ملف الجناة المتورطين فى خطف الجنود المصريين، وأنه كان قد قدم تقريراً إلى قيادته فى القطاع بالقاهرة كشف فيها عن تورط قيادات من الجماعات التكفيرية والتوحيد والجهاد فى واقعة اختطاف الجنود. بل أكدت المصادر نفسها أنه كان للنقيب محمد دور فى الوصول إلى وليد النخلاوى ابن خالة أبوشيتة الذى رفع الفيديو الخاص بخطف الجنود.
الاغتيال إذن هو رسالة واضحة لكل من تسول له نفسه أن يجتهد، ويعمل، ويتعقب مرتكبى حادث اختطاف الجنود. بل إن الاستيلاء على سيارة الضابط وسلاحه الميرى لم يكن للإيهام بأنه حادث سرقة، ولكنه كان رسالة أكثر وطأة على قوات الأمن كى يتركوا سيناء فارغة خاوية على عروشها، إمارة تكفيرية تواصل فيها الجماعات الجهادية تهريب السلاح لحماس وتصدير المخدرات لأهل مصر، وتصبح مركزاً «لقاعدة» المنطقة بديلاً عن «تورا بورا» أفغانستان.
هل الرسالة وصلت؟ أظن ذلك، فقد صدر بيان لـ«الداخلية» هزيلاً، يتحدث عن «خارجين عن القانون» وهى الصفة التى استخدمها «الحرية والعدالة» لوصف الإرهابيين من خاطفى الجنود المصريين، بل يتماشى ذلك التوصيف جيداً مع اللغة المهادنة التى استخدمها الدكتور مرسى تجاه هؤلاء «الخاطفين»، فلم يسمهم، ولو مرة واحدة، بالإرهابيين، فهم من الأهل والعشيرة: يصوتون له وقت الحاجة، وقد يحمونه بسلاحهم وقت الحاجة أيضاً.. لا يهم إذن من قتل، ومن يُقتل، لا يهم كرامة الجنود، ولا تهم هيبة الدولة، فالأهم هنا هم الأنصار والحلفاء. يعفو عنهم تارة، ويغض البصر عن جرائمهم تارة أخرى، بل يستقبلهم فى قصره المنيف ذى البروج المشيدة تارة ثالثة، تحت ادعاء مناقشة سد النهضة. فهل سيناقش الدكتور مرسى سد النهضة مع أعضاء جماعة الجهاد والفنية العسكرية المعروف قياداتها بالتورط فى الاغتيالات فى عصور سابقة؟ هل سيناقش معهم سد النهضة، أم سيناقش معهم حمايته ومناصرته وسداد فواتير ترك زعمائهم أحراراً طلقاء والوضع المتردى فى سيناء؟! مجرد أسئلة لن تجد إجابة.
أى رسالة تلك؟ أى رسالة للجنود ولقوات الأمن التى تلقى حتفها كل يوم؟ وأى رسالة لجماعات الإرهاب وللعالم ككل؟ الرسالة الوحيدة الآن هى احتياج مرسى ونظامه لكل تياره السياسى الدينى- ولا أقول الإسلامى- أما رسالة الأمن، فإنها واضحة: لا تتدخل، لن يحميك أحد من قبضة الإرهاب، لا تقترب من الأهل والعشيرة!.
النقيب محمد السيد لن يكون آخر الشهداء ما ارتضينا المهانة والسكون، وابتلعنا الذل، وآثرنا المهادنة مع الإرهاب. قتلة رفح لا بد أن يحاكموا، خاطفوا الجنود لابد أن يقبض عليهم، الجنود المختطفون من 2011 لابد من معلومات موثقة عنهم. لن يشفع هنا أن بعض الأجهزة تحاول لكن يدها مغلولة، أو أنه لا تنسيق بين الجيش والشرطة، أو أن الجيش لا يريد مزيداً من الدماء فى سيناء كى لا يقع فى الفخ، نحن هنا نتحدث عن كرامة وطن وحياة أبنائه، وبدون ذلك، وبدون فرض سلطة الدولة كاملة على أرضها فإن العقارب ستلدغ أصحابها لا محالة.
ولا يهمنا كثيراً هنا أن تلدغ العقارب سادتها من التيار الحاكم، فهم أدرى بما يفعلون ببعضهم البعض، ما يهمنا هنا هو وطن ودماء شبابه تهدر كل يوم من أجل مهادنة الأهل والعشيرة ومن أجل نصرة مرسى ومصالح نظامه التى لا ناقة لنا بها ولا جمل.