أظن أنه لا يوجد شخص فى كامل قواه العقلية سواء فى داخل أو خارج مصر لا يعرف أن المصريين قد قرروا النزول يوم 30 يونيو 2013 إلى شوارع وميادين المحروسة، مطالبين بانتخابات رئاسية مبكرة اعتراضا على الإدارة الفاشلة للإخوان ورئيسهم لأمور دولة عريقة وكبيرة مثل مصر، معلق فى رقبة حكامها مستقبل 90 مليون نسمة أصابهم اليأس والإحباط يعانون فى حاضرهم ويخشون على مستقبلهم وكل ما حصلوا عليه منذ بداية هذا الحكم هو مزيد من الانقسام الداخلى والاستقطاب الحاد سياسيا واجتماعيا وثقافيا، مزيد من التدهور غير المسبوق فى حالتهم الاقتصادية ومعاناتهم فى الحصول على لقمة العيش ومعاناة أبنائهم فى الحصول على وظيفة، مزيد من إلقاء اللوم عليهم بأنهم سبب تدهور الخدمات التى من المفترض أن تقدم إليهم مقابل دفعهم للضرائب بادعاء أنها تتدهور بسبب سوء ممارساتهم وتصرفاتهم واستهلاكهم، مزيد من الخوف من تآكل هويتهم الثقافية وحياتهم الاجتماعية كما يحبونها ويمارسونها منذ آلاف السنين لتظهر دلالات مخيفة على تحول مصر على أيديهم لدولة فاشية بغيضة، مزيد من الفرقة والكراهية بين المسلمين والأقباط بسبب خطاب إعلامى يحض على العنف والكراهية من شخصيات يدللها ويحميها ويؤيدها النظام موجه بصورة رئيسية ضد الأقباط وحتى إلى المسلمين ممن ليسوا على شاكلتهم دون خروج رئيس الدولة أو أى من أتباعه أو حكومته ليعلن على رؤوس الأشهاد أن هذا الخطاب مجرّم ومرفوض وستتم معاقبة صاحبه بكل حسم، وفقا لنصوص القانون اللى مفيش أكثر منها فى مصر، كفاية كده ولّا نستمر لغاية آخر المقال؟
طيب مفروض كده إن اللى مافهمش إحنا نازلين ليه يوم 30 يونيو يكون فهم وخد فكرة، لكن يظل السؤال الموجه منا ومن غيرنا للداعين للنزول جميعا قائما، وهو طيب بعد ما ننزل وربنا يكرمنا والأعداد بإذن الله تكون حاشدة وتملأ كل شوارع محافظاتك يا مصر، مطالبة برحيل الرئيس وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة؟ يا ترى إيه بقى خطة اليوم التالى؟ قد تكون الإجابة هى أن تستمر الناس فى الاعتصام فى الشارع مصممة على مطالبها! ماشى ده كلام زى الفل وسننفذه بإذن الله فماذا لو تحققت المعجزة و«اختلط الزيت بالماء»، كما يقول ممثلنا الشهير هانى رمزى وظهر علينا الرئيس معلنا موافقته على فكرة الانتخابات الرئاسية المبكرة! فى هذه الحالة «العنقائية» ما السيناريو الذى نطرحه على الملايين الغفيرة التى وقعت استمارة «تمرد» مطالبة بالرحيل وبقية الملايين فى بيوتهم الراغبين فى رحيل الإخوان عن أنفاسهم والمؤيدين لدولة مدنية حديثة مستنيرة، ما المعروض عليهم كخطة عمل للمرحلة الانتقالية الحتمية حتى إجراء انتخابات رئاسية؟ وأنا لا أقبل الرد بتاع حنشوف تطورات الأمور والقيادة فى الشارع والجماهير ستقرر، لأ.. هذا كلام لا يحقق نجاحا وإنما يؤدى إلى فشل وانقسام، صحيح أن تمرد حركة شعبية شارعية نحن أيدناها ووقعنا على استماراتها وفخورون بشبابها، لكن ماذا سنفعل جميعا إذا تمت الاستجابة لمطالبها بإذن الله وبدون مقاطعه؟ أرجو أن لا تكون خطة المعارضة وجبهة الإنقاذ وأحزابها السياسية قائمة على المثل العتيد «دارى على شمعتك تقيد» وبالتالى نؤجل الإفصاح عن سيناريوهات المستقبل الآن على أساس أن لكل حادث حديثا. لا يا حضرات إحنا لازم نكون على نور من دلوقتى وحضراتكم لازم تتفقوا منذ الآن على السيناريوهات المطروحة وأولوياتها وتصوراتكم لتنفيذها! أمَّال عايزين تديروا دولة زى مصر وشعب شديد المراس وعميق التجربة زى الشعب المصرى إزاى؟
وعلشان فى الإعادة إفادة ولأجل خاطر الحبايب والأصحاب نقول كمان، أولا سيبوا شباب تمرد وأصحابهم ومؤيديهم يعملوا اللى شايفينه صح دون تدخل أو وصاية، فهم أصحاب الفكرة ومطلقوها والناس ستستمر فى تأييدهم فى الشارع، ثانيا تحملوا مسؤولية المساهمة فى صياغة سيناريوهاتكم المتوافق عليها على الملايين ممن سينزلون إلى شوارع المحروسة دفاعا عن تمرد ورغبة فى إزالة الاستعلاء والتحكم فى خلق الله ووقف الحال وضياع الحقوق، ثالثا اطرحوا هذة السيناريوهات، التى ستنفذ بإذن الله فى حالة تحقق الحشد غير المسبوق، بلغة بسيطة وواضحة وليس فيها لَبْس ولا لفّ ولا دوران إجابة عن السؤال المحورى المطروح: ماذا ستفعلون وتقترحون فى حالة تحقق مطالب «تمرد» وأخواتها؟ وكيف ستنفذون ذلك بمشيئة الرحمن؟