أردوغان عن معارضيه خلال اجتماع أوروبي: انتقدت قطع الأشجار وبناء الجامعات مكانها فدخلت السجن.. أين كانوا هم؟
سترو يدعو للإسراع بضم تركيا للاتحاد الأوروبي: وجود تلك الدولة المسلمة على طاولتنا غاية في الأهمية
كتبت- غادة عاطف
كتب جاك سترو وزير خارجية المملكة المتحدة الأسبق لمجلة تايمز البريطانية عن الأوضاع في تركيا أن القادة الأوربيون يمكنهم المساعدة في قضايا الإصلاح بجذب تركيا لحظيرة الاتحاد الأوروبي.
وقال سترو أن مصير الحكومات أن تُختطف على حين غرة دون أن تنتبه لذلك. في البداية تخطط ثم تحضر ثم تستشير.. ويمكنك أن تعامل الرأي العام ككلب تربيه وتطعمه وتتركه ينام بجانبك على السجادة.. لكن ودون سابق إنذار سيستيقظ الوحش بداخله لينهشك أنت.
هذا ما دار بعقلي عندما كنت أستمع يوم الجمعة الماضية إلى خطاب رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي في مؤتمر باسطنبول يتحدث عن العلاقات المستقبلية بين تركيا والأمم المتحدة. الوضع كان سيراليا في حين كنا نحن نجلس في فندق ضخم نناقش المشروع الأوروبي، كانت أوروبا كلها بل والعالم بأكمله يشاهد ثلاثة آلاف ضابط يحاصرون ميدان تقسيم ومتنزه جيزي على بعد كيلو متر من الفندق.
وركز أردوغان في خطابه على طموح تركيا للاتحاد الأوروبي. ومع ذلك فقد كان تركيزه الأكبر على الاحتجاجات بالطبع، التي لم يشاهد مثلها طوال الأعوام الماضية في تركيا والتي كانت في البداية تطوير المنتزه والميدان. كان أردوغان يبدو أحياناً متحمساً وفي بعض الأحيان غاضباً لكنه دائم الطلاقة. لكن الشيء الأبرز أن خطابه كان يوضح دهشته من تلك الاحتجاجات والانتقادات التي ظهرت من لا شيء. مما يشكل تحدياً لالتزامه بتخضير مدينته اسطنبول وكذلك قدرته على الحكم باسم جميع الأتراك وليس فقط نسبة 50% الذين انتخبوه.
وقال سترو في مقاله أن أردوغان إدعى أنه بالفعل قد أجرى المشاورات حول خطط ميدان تقسيم والتي تهدف لتحويل مرور مترو الأنفاق ليستطيع الكثيرون الاستمتاع بالمنطقة. في حين كان القائمون على المنتزه نوهوا عن ذلك قبل الانتخابات ولم يعترض أي شخص، وقال أردوغان أنه زرع تلك الأشجار وقت كان عمدة اسطنبول في منتصف التسعينات. وأن معارضيه هم من اقتلعوها حيث بنى اثنين من رجال الأعمال المنتمين للأسر الحاكمة الجامعات مكان الغابات، ولأنه عارضهم فقد ألقي به في السجن. وصرخ أردوغان في منتقدينه " لقد كنت في السجن، أين كانوا هم؟".
وأضاف سترو أنه في أماكن أخرى في أوروبا كان هناك قادة دفعوا حريتهم مقابل آرائهم عندما كانت تحكم البلاد الحكومات غير الديمقراطية، لكن ذلك منذ حوالي 25 عاماً منذ سقوط حائط برلين. لكن في تركيا الذكريات لازالت حديثة. حيث قام الجيش بالانقلاب على السلطة عام 1997. وفي عام 1998 تم إغلاق حزب أردوغان لأنه كان يشكل خطراً على النظام الديني. وقد سجن أردوغان لإلقائه قصيدة. بعد انتصار أردوغان في الانتخابات عام 2002 لم يتمكن من تولي منصبه لمدة أربعة أشهر كتبعات للقصيدة وذلك حتى تم رفع الحظر وتولى منصبه. في عام 2007 حاول النظام القديم إقاف عبد الله جول أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية مع أردوغان من توليه رئاسة البلاد.
وقال جاك سترو أن تلك التجربة صلّبت قلب أردوغان والكثيرين من حزبه وجعلتهم يجهلون أن التطور الاقتصادي الاستثنائي للدولة تحت حكم حكومة العدالة والتنمية رغم ذلك ترك قسم كبير من الشباب الأكثر علمانية والكثيرين من الطبقة المتوسطة ساخطين ونافرين. وهو ما يذكرني بالستينات حيث كان من يسبقونا سناً الذين عانوا من الحرمان في الحرب لم يستطيعوا أن يقدوا لماذا نحن الأصغر سناً متمردين عندما لم يكن ذلك جيداً.
وذكر سترو أن الرد الوحشي الذي قابلت به قوات الشرطة المتظاهرين كان رهيباً وهو ما اعترف به الرئيس التركي جول وبعده أردوغان. وأضاف أن لدى تركيا العديد من الإصلاحات لتقوم بها من تعزيز حقوق الأقليات وحرية الإعلام. لكن كما قال لي أحد القادة المؤيدين لحزب الشعب الجمهوري المعارض (حزب علماني) أن المفارقة الكبرى في الأسبوعين الماضين أن أي محاولات لاحتجاجات جماهيرية تحت ظل الأنظمة السابقة تم سحقها قبل حتى أن تبدأ.
كان تبني حزب العدالة والتنمية لعضوية الأمم المتحدة أثار التوقعات الديمقراطية في تركيا. وهنا تأتي المفارقة الثانية, حيث أن تلك الإصلاحات المتقدمة لم تكن فرنسا أو ألمانيا أو قبرص لتمنع عن عمد تقدم تركيا بخطط الانضمام للاتحاد الأوروبي لأكثر من ثلاث سنوات. ودون شك، فإن الحكم على تركيا كان أقسى من رومانيا وهنغاريا على سبيل المثال حيث اعترف الاتحاد الأوروبي أنه كلما دخلت تلك البلاد أسرع لحظيرة الاتحاد الأوروبي كلما كان التغيير بها للأفضل.
وفي النهاية، في ظل ستيفان فولييه مفوض الاتحاد الأوروبي من المتوقع أن تكون المفاوضات أكثر إيجابية. حيث يحب أن يعلموا أن صبر الشعب التركي وليس فقط حزب العدالة والتنمية لن يدوم للأبد في مواجهة الإذلال من بروكسل. ستعاني باقي أوروبا أكثر من تركيا نفسها إذا استمر الإنكار. وأكد سترو أن وجود تلك الدولة الأوروبية المسلمة إلى طاولتنا غاية في الأهمية.