فى طائرة العودة من أبوظبى، جلس إلى جوارى رجل أعمال إماراتى، له بعض المصالح فى مصر التى يعتبرها - كما قال - وطنه الثانى، ويهتم بأمرها اهتمام أبنائها، ويتطلع لخروجها من محنتها كالمصريين تماماً.
قال الرجل إن له منزلاً فى مدينة الشيخ زايد، كلما دخله، شعر بأنه عاد إلى داره، وقال: إنى أصحو فى الصباح، فأقرأ الجرائد وأنا أحتسى القهوة، وأرقب من بعيد قمة أهرامات الجيزة، وقال إن جريدته المفضلة هى «المصرى اليوم» وأكلته المفضلة هى «الكشرى».
ومرت المضيفة بالجرائد المصرية، فطلب الرجل «المصرى اليوم»، فردت المضيفة معتذرة بأنها «خلصت»، قلت لها كيف ذلك ونحن نجلس فى الصف الثانى بالطائرة، هل وزعت الصحف على أحد قبلنا؟ قالت: نعم، وزعت على الصف الأول، ثم شرحت لنا أن الطائرة لا يأتيها إلا نسختان فقط من «المصرى اليوم» وقد اختارهما من يجلسون فى الصف الأول، ونظرت إلى بقية الصحف التى تعرضها علينا المضيفة، فوجدت عشرات النسخ من «الحرية والعدالة» بين الصحف الأخرى، فلم آخذها ولا أخذها ضيفى.
وقد تعجب جارى الإماراتى لهذا الوضع، خاصة بعد أن أخبرته بأن «المصرى اليوم»، وقد بدأت عامها العاشر، أصبحت الآن الجريدة الأولى فى مصر، حيث ارتفع توزيعها فى المتوسط فوق جميع الصحف الأخرى، فرد الرجل بأن هذا يعنى أن المصريين يقبلون عليها أكثر من أى من الصحف الأخرى، فكيف لشركة الطيران الوطنية أن تختار لركابها ما يقرأونه وليس ما يقبلون عليه بإرادتهم؟!
وتساءلت بينى وبين نفسى: ترى هل وصلت عملية الأخونة إلى شركة مصر للطيران هى الأخرى؟ هل يمكن أن تكون الشركة قد انساقت إلى محاولة فرض هوية محددة على ركابها تناقض إرادة المصريين أنفسهم؟!
إن طائرة مصر للطيران هى المحطة الأولى التى يصل إليها الزائر فى طريقه إلى مصر، ومن الواجب أن تعطى صورة صادقة لمصر، لا أن تزيف الصورة، بل تسىء إليها، وأنا لا أتحدث هنا فقط عن نوعية الصحف التى تفرضها الشركة على ركابها، وإنما عن كل شىء من المعاملة الحسنة إلى نوعية الطعام، لقد ركبت ذات مرة طائرة تابعة للشركة الكورية فوجدت ضمن قائمة الطعام أكلة شعبية شهيرة تسمى «ببمباب»، فطلبتها على الفور، فهل فكرت مصر للطيران فى تقديم «الكشرى» مثلاً ضمن قائمة الطعام؟!.. إن عدد من أصبحوا يقلعون عن تناول اللحوم يزداد بشكل كبير فى العالم كله، فلماذا لا نقدم لهم أكلة مصرية أصيلة جنباً إلى جنب مع الوجبات التقليدية؟
بعد قليل جاءت المضيفة بطاولة الطعام، وسألت جارى: «لحمة ولّا فراخ ولّا سمك؟» فضحك الرجل وهو يقول: «مافيش كشرى؟»، فقلت له: «الكشرى ستجده مع (المصرى اليوم) فى مصر نفسها وليس فى (مصر للطيران)».