تعالوا نتوقف عن سؤال بعضنا البعض أسئلة من تلك النوعية.. «إيه الأخبار» ؟.. «عامل إيه» ؟.. فهى قد أصبحت أسئلة عبيطة وساذجة ومالهاش معنى وربما حتى مالهاش إجابة.. حتى أن من يسألها لا ينتظر إجابة عليها سوى بكلمات معروفة مسبقاً من قبل حتى أن يسأل سؤاله.. إجابات من نوعية «الحمد لله».. «كله تمام».. إجابات يعرف سامعها قبل قائلها أنها ليست إجابات حقيقية وأنها كذب فى كذب وأن كله ليس تمام ولا حاجة.. بينما لو أراد الإنسان أن يتعامل مع تلك الأسئلة بشكل حقيقى ويجيب عنها إجابات صادقة فسوف يكون رده على سؤال مثل «إيه الأخبار» ؟.. «زفت».. وسوف يكون رده على سؤال مثل «عامل إيه» ؟.. برضه «زفت».. وعندها سوف يصبح الشخص الذى لم يرتكب خطأ بخلاف إجابته بمنتهى الشفافية والصدق على أسئله تم توجيهها له متهماً بإشاعة الطاقة السلبية وبإنه بيشيلك همومه وبيكئبك معاه.. على الرغم من أنه لم يجيبك سوى بما سألته أنت عنه.. لهذا توقفوا عن ترديد تلك الأسئلة الأكلشيه.. خصوصاً فى مثل تلك الأيام الغبرا التى نحياها.. توقفوا عن سؤال بعضكم البعض أسئلة تعرفون إجاباتها الكاذبة مسبقاً ولو لم تأت الإجابات كاذبة وجاءت حقيقية على هيئة كلمة واحدة مثل «زفت» سوف يكون الشخص المجيب رخم وبيشيع الطاقة السلبية على الرغم من أنه لم يجب سوى بالحقيقة !
إن إجابتك على شخص يسألك «إيه الأخبار»؟ بأنها «زفت» ليست إشاعة للطاقة السلبية ولا رخامة بقدر ما هى تقرير للأمر الواقع.. فالحياه على بعضها ليست سوى خدعة كبيرة وطريق طويل نقطعه بمنتهى الإخلاص والمثابرة حتى نصل فى نهايته إلى الموت.. وحتى يحدث هذا سوف يكون لزاماً علينا أن نتعامل مع تلك الغابة المفتوحة التى أبدعتها حضارتنا البشرية الملوثة وتعاملت معها على أساس أنها مش غابة ولا حاجة.. وعلى الرغم من أن حتى الغابة لها أخلاقياتها وأصولها التى ينبغى أن تُراعى بينما غابتنا البشرية الملوثة لم تعد تعرف أخلاق أو تراعى اصول إلا أننا نعتبر توصيفنا لحياتنا بأنها غابة إهانة لحضارتنا البشرية بينما الإهانة فى ذلك التوصيف للغابة ولحيواناتها التى لا تكذب أبداً وليست لنا نحن.. الكوكب بأسره تحكمه مجموعة من المخادعين والمجرمين والحمقى والمجانين والمرضى النفسيين الذين نعتبرهم نحن ملوكاً وحكاماً ورؤساء.. بينما من يدير شئونه فى الحقيقة مجموعة الشركات الكبرى العابرة للقارات والتى تمتلك فى حقيقة الأمر القرار النهائى فيما يخص مقدرات كوكبنا التعس.. شركات تكنولوجيا تمنحنا الوهم وشركات أغذية تملأ بطوننا وشركات مشروبات غازية تصيبنا بالإنتفاخ وشركات ملابس تمنحنا بطاقتنا الشخصية الطبقية وشركات سينما تمنحنا الخيال.. ثم بعد كل هذا تقوم تلك الشركات بتسليمنا إلى شركات الأسلحة وجنرالات الحروب والمتطرفين ليمنحوننا الطمأنينة والراحة الأبدية من ذلك العالم القاسى وليسمحوا لآخرين بملء مواقعنا الشاغرة لتعيد المأساة نفسها من أول وجديد.. وهكذا..
نحن كائنات مخطوفة.. والفدية التى ينبغى علينا تسليمها لفك أسرنا هى أعمارنا بذاتها.. نقوم بدفعها صاغرين ثم بعدها يتم الإفراج عنا.. ونموت.. نحن كائنات مسكينة تتخبط فى ظلام لم يحله إختراع توماس اديسون للمصباح الكهربائى.. نحن كائنات وحيدة إنقطع التواصل بينها منذ قرر الأشرار أن يجعلوا من هذا العالم الشاسع الممتد مجرد قرية صغيرة إتخذت من فيسبوك وتويتر آلهة جدد.. نحن كائنات مضحوك عليها أخبرهم آباؤهم أن أجداد أجداد أجداد أجداد أجداد أجداد أجدادهم قد أخبروهم أنه كذا وكذا وكذا وأنه كيت وكيت وكيت والمفترض فينا أن نصدق أن كل هؤلاء الأجداد ماكانش فيهم جد بيمُعر مثلاً أو جد تنتهى أصوله إلى إخوان ما قبل التاريخ مما يضع كلامه كله موضع الشبهة والشك والمسائلة.. نحن كائنات أغلب من الغلب.. المفترض أن نعمل ليومنا كأننا نعيش أبداً ( مع إننا عارفين إن دا مش حيحصل) وأن نعمل لآخرتنا وكأننا نموت غداً ( مع إننا عارفين إن ممكن ما نستناش حتى لغداً.. ونموت حالاً ).. نحن كائنات فى ورطة غريبة إسمها الحياه.. نحن كائنات مش عارفة هى جاية منين ولا عارفة هى رايحة فين.. بس ماشية وخلاص..
لهذا.. وأثناء مشيكم ذلك توقفوا عن سؤال بعضكم البعض هذا السؤال المستفز «إيه الأخبار» ؟.. لأن الإجابة انتوا عارفينها كويس !