حوار الدكتور مرسى مع جريدة «الأهرام» من نوعية الحوارات التى تسبق قيام الثورة عادة، بكل ما فيها من استخفاف وسطحية فى التعامل مع ما نعيشه حاليا. إنكار مرسى الواضح للمشكلات والصراعات يعنى إما أنه رئيس مُضلِّل وإما مُضَلَّل.
يقول على سبيل المثال «الحديث عن انتخابات رئاسية مبكرة مخالف للقانون والدستور والعرف والإرادة الشعبية»، يتحدث مرسى عن تلك المصطلحات الفاخرة فى الوقت الذى هتك فيه عرض كل ما سبق مرة واحدة على الأقل، القانون «أزمة النائب العام»، والدستور «مهزلة كتابة الدستور وتمريره على الهواء»، والعرف «تقديم وعود توافق الكاذبة قبل انتخابات الإعادة لضمان الالتفاف»، والإرادة الشعبية «كل ما تم بذله من ضغط شعبى لتغيير أمور كثيرة أبسطها تغيير رئيس حكومة فاشل».
يقول مرسى «مصر مليئة بالعلماء والخبرات العظيمة، إمكاناتهم ضخمة جدا. التجربة والواقع يؤكدان أن الإدارة السابقة لم تكن توظف الخبرات بالشكل الصحيح، وإنما كانت مجرد إطفاء حرائق».. والحقيقة مرسى من أفضل رؤساء مصر استعانة بالخبرات وتوظيفها التوظيف الحسن «عندك وزير الثقافة الذى فشل فى مهنته الأساسية. وعندك الأستاذة باكينام الشرقاوى التى فضحتنا على الهواء مباشرة أمام العالم. وعندك مستشارو الرئيس والمتحدثون باسمه الذين يصدرون بيانات فضيحة ثم تتراجع عنها الرئاسة بحجج واهية مثل فرق اللغة وأن بيان الإنجليزى غير بيان العربى. وعندك وزير الإعلام صاحب الصيحة الشهيرة (تعالى وأنا أقولك فين). وعندك وزير الشباب الذى يزور مراكز الشباب فى صحبة البلطجية لضرب المعارضين مثلما حدث فى مركز شباب روض الفرج. بخلاف رفقة الرئيس المتكررة من قتلة سياسيىن وإرهابيين تائبين وسومة العاشق المفتون بأن رئيس الجمهورية مهندس، ورجل الأعمال عازف الإيقاع فى كل العصور، وغيرهم». الحقيقة أن الدكتور مرسى يتحفنا طول الوقت بخيرة خبرات هذا الوطن ويضعهم فى مقدمة الصفوف كمحافظين ونواب محافظين وأعضاء «شورى» وأعضاء «تأسيسية».
يقول عن القضاء بعد كل ما عايشناه من حروب «أنا أنظر إلى حكم القضاء بكل احترام وتقدير، ونحن نقول إنه مستقل وقادر على أن يصدر أحكامه بشكل موضوعى».
وعن غياب الأمن قال الدكتور مرسى كلاما عاما من نوعية «ما زال هناك جهد مطلوب، وأتصور أنه سيأخذ بعض الوقت». وعندما جاء وقت التخصيص فى الحديث عن الأزمة الأمنية تحدث عن أكثر منطقة تؤرقه فى غياب الأمن «نحن على أبواب مرحلة انتخابات برلمانية، وفى حاجة إلى أمن».
وعن أزمة السد يقول إن إثيوبيا دولة صديقة ولا نتوقع أن يكون الصديق سببا فى ضررنا «حدثنى عن الصداقة بعد الحوار الفضيحة الذى أهان مشاركوه مربع دول حوض النيل كله».
أكثر جملة لمست فيها صدق الرئيس جملة «حجم التحديات أكبر بكثير مما كنا نعتقد ونتحدث»، وهو الأمر الذى يؤكد فكرة أن مصر كبيرة على النظام الحالى، وأنها تبدو فى رفقته كعملاق يجره قزم ممسوخ.
على الرغم من أن الواحد يخشى أن تراق من جديد نقطة دم مصرية واحدة، بغض النظر عن الهوية السياسية لصاحبها، فإن حوارات الرئيس من هذا النوع تدعو الموضوعية إلى الانتحار، وتجعل الرئيس شخصيا هو من يدفع باتجاه الخروج فى 30 يونيو القادم بوجهات نظره الركيكة التى لا تليق بمبصر ينظر من خلال الغربال.
إذا كان لديك شك فى جدوى انتخابات رئاسية مبكرة فأنا أدعوك إلى قراءة الحوار بموضوعية، واضعا فى اعتبارك نصيحة الرئيس العظيمة التى جاءت فى متن هذا الحوار «أدعو الجميع إلى النظر للمصلحة العليا للوطن».