ايجى ميديا

الأثنين , 14 يوليو 2025
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

نساء الكرنتينا.. السخرية من المستقبل

-  
نشر: 8/6/2013 4:08 ص – تحديث 8/6/2013 9:58 ص

«يصعب القول إن هذه السنوات كانت أفضل السنوات بالنسبة إلى إمبراطورية على وإنجى، كانت ثلاثينيات القرن الحادى والعشرين هى واحدة من لحظات التراجع بالنسبة إلى الاثنين اللذين أخذا على عاتقهما تأسيس مدينة كاملة من لا شىء».

بهذه القفزة إلى المستقبل، من بدايات القرن الحادى والعشرين ووصولا إلى ما بعد منتصفه بقليل، وبمثل هذه المفردات «إمبراطورية»، و«مدينة من لا شىء»، ينسج نائل الطوخى روايته الجديدة «نساء الكرنتينا» الصادرة عن (ميريت 2013) بخيوط الفانتازيا والملحمة والسخرية معا، قفزة تفاجئ القارئ وتصحبه إلى حيث ينبغى للروايات أن تصحب قرّاءها: إلى عالم مفارق، وبعيد ومتخيّل بالكامل.

فى روايته الرابعة التى تجاوزت 350 صفحة، يتخطى الطوخى تحديا صعبا، فلا يفلت منه خيط السخرية الذكية على مدار فصول الرواية الثلاثة، التى يصلح تأمل عناوينها للتعرف على ملامح الكوميديا التى تميّزها «أحلى عروسين: قصة شخصين وضعهما القدر فى المكان الصحيح»، «قصة قاتل: بخصوص إصبع مبتور لا تظهر به الدمامل» و«تمكين المرأة: قصة سبع نساء يحكمن العالم».

بسهولة يمكن ملاحظة أن نوعا من كوميديا البارودى «المحاكاة الساخرة» يحكم العناوين ومن ثم السرد، غير أن لفظة «بارودى» تبدو أجنبية جدا بالنظر إلى الأجواء مغرقة الشعبية التى ميزت شخصيات الكرنتينا، لكنها هنا شعبية العشوائيات وليست «شعبية» حارة أسامة أنور عكاشة «الأصيلة»، فى الواقع تستخدم الرواية أحد أشهر مسلسلات عكاشة «الراية البيضا» فى سياق سخريتها من تصوّر المصريين عن أنفسهم، ويستخدم الطوخى النداء الأشهر فى المسلسل المذكور «ولا يا حمو» فى سياق أشد سخرية، يبدو النداء «ملحميا» فى الرواية ومناديا باستمرار على أحد أبطالها الشعبيين، لكننا ندرك أن تلك الشخصيات جميعا ليست كما ترى نفسها، بل ربما كما يمكن أن نراها نحن: شخوص صراعات بائسة وساذجة لا تعرف أنها بائسة وساذجة، لكن هل يهم حقا أن ترى الشخصيات نفسها؟ تعطينا الرواية -على لسان راويها العليم- إشارة فى الصفحات الأولى «الحقيقة هى ما يشعر به الناس، وليست الحقائق الموضوعية الطبيعية والفيزيائية، من يهتم بالحقائق الفيزيائية؟».

ربما لتهوين غربة السفر إلى مستقبل فانتازى، تحفل «نساء الكرنتينا» بعديد من الإسقاطات والإحالات على أعمال فنية درامية وروائية، وشخصيات واقعية أقرب إلى عالم الدراما مثل السفاحتين الشهيرتين ريا وسكينة، بل وحتى أغنيات يستخدم الطوخى إيقاعها بسلاسة لصنع الكوميديا «بدأت القصة تحت الشتاء، بأول شتاء، ظهر سيكا»، أما بطلا الرواية «على» و«إنجى»، فهما إحالة علَى بطلىّ «رد قلبى» الفيلم الشهير لعز الدين ذو الفقار (1957)، المأخوذ عن رواية بالاسم نفسه ليوسف السباعى، الفيلم / الرواية الأصليان قدّم على -ابن الجناينى- الذى تساوى ثورة يوليو بينه وبين «إنجى» ابنة الباشا، وتحاكيهما «نساء الكرنتينا» فى طبعتها الشعبية من خلال «علِى» الشاب الذى لم يكمل تعليمه الجامعى، وابنة عمه الغنية العائدة من الخليج، وإثر حادثة تحرش فى محطة القطار يتورط الحبيبان فى جريمة قتل، ويهربا إلى الإسكندرية لتبدأ أسطورتهما، مدينتهما «الكارنتينا» التى سوف «يؤسسانها من لا شىء»، تكتسب الرواية طابعها الملحمى من متابعة قصة إنشاء «الكرنتينا» وصولا إلى مصيرها النهائى، عبر ثلاثة أجيال متعاقبة، وتكتسب طابعها الساخر من حقيقة أن شخصياتها تحكمت فى مصائر مناطق كاملة عبر نظرياتها العبثية «بهذه النظرية لم يكن يفكك البشرية فقط، وإنما كان يقوم بتفكيك الإعلانات التليفزيونية أيضا، فى هذه المرحلة كان علِى يحارب الجميع، من أول جوهر الإنسان حتى شركات الصابون».

يمكن القول أن «حمادة»، ابن على وإنجى، وصاحب فكرة تمثال «الفرخة العملاقة»، هو التحقق الكامل للسخرية التى أرادها الطوخى فى الكرنتينا، «حمادة بجسمه السمين، كان يعتقد أنه مخلوق غير محدد الهوية، شىء ما يقع فى منتصف الطريق بين الذكر والأنثى»، اضطراب الهوية هنا ليس جنسيا فحسب، إنه معرفى ونفسى أيضا، حمادة هو صاحب المرسم الذى يحمل اسمها إكليشيهيا «الفنون والألوان»، وهو أيضا المسؤول عن متابعة أسطورة الأبوين وفرض سيطرتهما على الناس، إنه الذى يحمل «القوة النفسية للمصريين»، والذى لا يفهمه سوى أصدقاء سرعان ما يكتشف أنهم خياليون، لكن هذا لا يزعجه كثيرا «هذه الحادثة، أى اكتشاف حمادة أن فاروق شخص متخيل، لم تؤثر على علاقة الاثنين ببعضهما البعض»، وهو حين وقع فى حب «صباح»: «كتب فيها عشرات القصائد، غنى لها آلاف الأغانى، اشترى جيتارا ولحن لها الملايين من الألحان، ودخل عشرات الملايين من المعارك من أجلها، لم يحصِ عدد المعارك بالطبع، هذا الكلام كله بالتقريب».

فى رواية أجيال متعاقبة، تتنوع الشخوص وتتعدد بطبيعة الحال لكنها جميعا تتفاهم فى إطار المنطق نفسه، وتنبع كوميديا الشخصيات من كونها عادة لا يزعجها ما قد يزعج القارئ ولا تتصرف كما كان ممكنا له أن يتصرف، مفردات الجنس والخيانة والقتل لها هنا طابعها وتأثيرها الخاص جدا، دور الحوار محورى فى «نساء الكرنتينا»، ولغة الحوار أساسية فى صنع السخرية التى تأتى من التقاط الطوخى مدى الركاكة التى انحدرت إليها لغة الشارع والصحافة وحتى رسائل بريد القراء، فتكتب إنجى رسالة إلى باب «حلال المشاكل» فى إحدى الصحف «تورطت مع هذا الشاب فى شىء لا أريد أن أذكره الآن واطضرينا (تمسحها ثم تعاود كتابتها بشكل صحيح) اطرينا للسفر معا إلى الإسكندرية». هنا، بملاحظتنا أن إنجى كتبت الكلمة مرتين بطريقة خاطئة، نرى أن الراوى العليم نفسه يتواطأ مع إنجى -لا معنا- لصالح السخرية، وتواطؤ الراوى ملمح أساسى فى الرواية، وسخريتها.

حكاية فانتازيا أم ملحمة ساخرة، رحلة إلى المستقبل أم إسقاط على الحاضر؟ أغلب الظن أن «نساء الكرنتينا» هى كل ذلك.

التعليقات