القبول بوجود خيرت الشاطر فى الحياة السياسية هو العنوان الكبير للكارثة.
كيف تقبل دولة ديمقراطية أن يلعب رجل غامض من وراء الستار دورا فى حكم البلاد؟
خيرت الشاطر عضو فى جماعة تمارس السياسة بفرض الأمر الواقع مثل قطاع الطرق.
كما أنه يتحرك بحراسة وتفتح له الأبواب الخاصة فى المطارات اعترافا بوضع غير قانونى، ولا معلن، ولا رسمى، ولا ديمقراطى، ولا شرعى.
لماذا تعترف الحياة السياسية والأجهزة الرسمية بمنطق حكم مصر من الباطن؟
كيف يمكن لأحد أن يسأل مثلا عن الشفافية فى إدارة المرسى والموضوع من أول سطر يدور فى العتمة، والظلام ووضع اليد على البلد كلها…؟
كيف يمكن أن نتكلم عن شرعية رئيس.. يعرف الجميع بمن فيهم الرئيس نفسه أنه ليس الرئيس وأن هناك «اللهو الخفى» الذى يمثل «مركز الحكم».
هذا «اللهو الخفى» ليس لهوا ولم يعد خافيا فهو يتحرك فى الشوارع بحراسة رسمية (لماذا؟) ويدخل المطار من بوابة وحده (لماذا؟) ويجتمع مع شخصيات فى المعارضة سرا (بأى صفة؟) ويحكى المستشارون فى القصر عن القرارات التى تأتى من عنده والتعليمات التى لا يستطيع الرئيس مخالفتها.
أزمتنا إذن فى (وضع ) خيرت الشاطر.
كيف نتعامل كأننا لا نرى «الوضع» المدمر لكل شرعية أو ديمقراطية أو شفافية؟
إنه مثل الخضوع لبلطجة «الأمر الواقع».. وهذا ما لم يجعلنى أفهم اللقاء السرى للأستاذ عمرو موسى مع الشاطر، وبغض النظر عن السرية (الضرورية أحيانا فى السياسة) أو موعدها (قبل ٣٠ يونيو) أو حتى ضرورتها (ماذا تريد منها؟) لكن بأى منطق جلس عمرو موسى مع رجل بلا صفة فى السلطة والسياسة؟
ثم ماذا تريد بعد ذلك إذا كنت تعترف بالأمر الواقع، وبأنها دولة غرف سرية وحكام غامضين من خلف الستار؟
ماذا تريد إذا فاوضت الحكم المعتم وبقوانينه وبأشخاصه الذين يرتبط وجودهم بهذه العتمة والإظلام؟
أفهم مثلا الحكايات عن نشاط الشاطر فى تشبيك عصابات البلطجة السرية (التى كان يحركها النظام القديم) بدائرة النفوذ الإخوانى فى مقابل تحييدها عن أى مواجهات قادمة.. لا يخجل الشاطر من التصوير فى هذه اللقاءات ولا من أنها بحضور قطاع طرق وزعماء عصابات، المهم الاتفاق على تسهيل وضع اليد على أراض فى الطريق الصحراوى مقابل العمل فى شبكة الإخوان.
أفهم أن يلعب الشاطر دور زعيم مافياوى.. يرتب شبكات جماعته فى السر (وهذا عمل غير مشروع ومجرم ويعتبر فسادا فى استخدام السلطة).
لكن لا أفهم أن تتعامل معه الحياة السياسية على أنه حقيقة مقبولة.
هذه إذن من صفات الطبقة السياسية الفاسدة عبر مراحل الاستبداد، وهى الطبقة التى يستميت خيرت الشاطر فى اختراقها عبر شخصيات وبحصوله على اعتراف بوضعه غير القانونى من غيرها.
وهكذا تبدأ الكارثة من خيرت الشاطر لا المرسى.. لأنه لا يمكن الكلام أصلا عن ديمقراطية وهناك «رجل غامض بسلامته» يحكم الدولة فى السر.