هذه رسالة من السيدة رشا منصور. قارئة بعثت لى بما تعانى. الموضوع لا علاقة له بأى أزمة سياسية. له علاقة بمستقبل أجيال. الأم تحكى مشكلة ابنتها. تلميذة فى الفصل الخامس. مدرسة فرنسية دولية. لدى التلميذة مدرسة غير مصرية. تردد على مسامع الطلاب كلاماً عنصرياً. تحتقر العرب. تمجد الإسرائيليين. تعبر أمامهم عن أفكارها الدينية. لا تهتم بالفروض المعروفة. لا تعلم المتلقين ما يجب. تجادلهم فقط. تمت شكوتها لسفارة فرنسا. تمت شكوتها لإدارة المدرسة. قالت الإدارة: لن نجدد تعاقدها فى العام الجديد. قارب العام الحالى على الانتهاء. قالت المدرسة إنها سوف تذهب إلى طلبة آخرين. سوف تنقل إليهم أفكارها!!
مشكلة موجودة فى كل العالم. المدرس ينسى مهنيته. سمو رسالته. وجوب حياده. ضمير المعلم الذى لا يجب أن يفسد على التلاميذ أفكارهم. هو حر فى أفكاره. أو هى حرة فى أن تؤمن بما تريد. أن تكون عنصرية. أن تكون ملحدة. أن تكون غير عاقلة. على باب المدرسة لابد أن تكون شخصاً آخر. تدخل لكى تساعد من يتعلمون منها. لا ترتهن عقولهم. ليس عليها أن تنقلهم إلى ثقافتها الخاصة. لم يدخلوا المدرسة لكى يتعلموا منها العنصرية. لم يدفعوا مالاً لكى ينكروا الأديان. وظيفة المدرس أن يعلم التلميذ كيف يدير عقله.
ينطبق هذا على مدرسة فرنسية كما ينطبق على مدرسة مصرية. التى تروّج للإلحاد، والتى قصت شعر تلميذة لأنها غير محجبة. من يلقن العلوم فى مدرسة مجانية ومن يلقنها فى مدرسة خاصة. دولية أو محلية. المعايير واحدة. مستوى رفعة التعليم لا يجب أن ينهار بمعاييره. المدرس يجب أن يكون قاضياً. لا لون له. لا اتجاه. التلاميذ ليسوا رهائن فكره. أياً كان فكره: ملحداً أو مؤمناً، عنصرياً أو إنسانياً، متوازناً أو مرتبكاً، وسطياً أو متطرفاً. لا يرسل الآباء أبناءهم للمدرسة لكى يتعلموا الاتجاهات. هناك يتعلمون الأصول التى لا خلاف عليها. المتفق عليه والمقر. يمنحونهم فرصة بناء الذات من أجل الانطلاق.
لا يجب أن تكون المدرسة عاجزة. يجب أن تكون إدارتها قادرة على تقييم المدرس. لا يجب أن تكون وزارة التعليم غائبة. مشكلة وزارة التعليم الآن أنها تحاول أخونة الطلبة. ترتكب نفس جريمة المدرسة الفرنسية. جريمة كبرى أن توجه التلاميذ سياسياً. أن تفرض عليهم أسئلة امتحانات تعبر عن ميول. الصحافة لعبت دوراً كبيراً ضد هذا. حدث الكثير من الوقائع فى الموسم الحالى. لم تعلق وزارة التعليم كثيراً. أعلن عن تحقيقات لم يتم الإعلان عن نتائجها. لا يمكن للآباء أن يضمنوا سلامة عقول أبنائهم فى مناخ مماثل.
التلاميذ أمانة فى عنق الوزارة، فى عنق المدارس، فى عنق المدرسين. إذا عوملوا على أنهم رهائن تكون كارثة. هذا اختطاف، لا يختلف عن أى جريمة اختطاف. النتيجة هنا أبشع. المدرس غير الأمين لا يريد فدية. يختطف عقلاً من أجل اتجاه. لا يدرى الآباء عادة باختطاف أبنائهم. نادراً ما يمكنهم إنقاذهم. بعد سنوات نجد جيلاً تم تخريبه. مشكلة تعليم. أكبر كثيراً من معاناة والدة، ومعاناة تلميذة. أكبر كثيراً من تحدى مدرسة عنصرية.