شىء مذهل أن يصل الغباء بالإخوان إلى هذه الدرجة حتى يختاروا وزيراً للثقافة يمثل قمة الرعونة فى التصرف. هذا وزير مغمور لا تاريخ ولا إنجاز أكاديمى له، فهو لم يقدم عبر سنوات طويلة أى مجهود أكاديمى حقيقى ولم يقم بنشاط طلابى ولا نشاط علمى يشير إلى أنه عضو هيئة تدريس ذو قيمة. أما تاريخه الفنى فلا يشير إلى أنه يمكن أن يطلق عليه حتى شبه فنان لأنه لم يقدم أى نوع من الفن فى تاريخه ويقال إنه كـ«مونتير» قام بعمل مونتاج لاثنين من الأفلام القصيرة لم يسمع عنهما أحد.
وعموماً ليس بالضرورة أن يكون وزير الثقافة فناناً. ربما يكون وزير الثقافة مثقفاً كبيراً دارساً عظيماً لأمور الثقافة وفى هذه الحالة يكون أفضل من الأكاديمى أو الفنان. خير مثال على ذلك هو ثروت عكاشة الذى كان ضابطاً بالجيش ولكنه كان من أعظم مثقفى مصر وبنى وزارة الثقافة بمعاهدها الكبرى حتى عبرت مصر وتفوقت على كل الدول المحيطة بنا بمئات السنين. لا توجد أى دلائل على أن الوزير عنده أى نوع من الثقافة، لم نشاهده فى معرض للفنون التشكيلية ولا نعلم أنه يشاهد الأوبرا أو المسرح أو كتب كتاباً له أى قيمة أو تأثير، وكل نشاطه الثقافى الذى ظهر مؤخراً كان مقالة نشرت فى صحيفة الحرية والعدالة وقد أجمع من قرأها على أمرين الأول أنها لا قيمة لها والأمر الثانى أنه نشرها تزلفاً وتقرباً من الإخوان بعد أن تولوا السلطة.
إذن هذا الوزير لا هو أكاديمى ولا هو فنان ولا هو مثقف. قلنا ربما يكون إدارياً عظيماً سوف يصلح المنظومة بعيداً عن المثقفين والمبدعين، ولكن بالسؤال والتحرى قيل لنا إنه لم يتول منصباً إدارياً حقيقياً فى حياته وإنه شخص شديد العصبية وتصرفاته فيها رعونة شديدة وقدر كبير من التهور وعدم الحكمة، فقد طبق أصول الفاشية حين وعد بعض الموظفين بمكافآت مالية مقابل التظاهر لتأييده! هل يعقل أن تطبق الفاشية فى وزارة الثقافة؟ إذن الخبرة الإدارية غير موجودة، يعنى خلاصة الكلام أنه شخص معدوم الموهبة فى كل شىء وتصرفاته الشخصية تقول بوضوح إنه لا يصلح لإدارة أى شىء وأكبر إنجازاته كان المبيت بالبيجاما فى مكتب وزير الثقافة الأسبق شاكر عبدالحميد.
دعنا ننسى التاريخ المهنى الشخصى كله ودعنا نرى ماذا فعل. قبل أن يذهب إلى مكتبه أعلن أنه قرر تغيير اسم سلسلة مكتبة الأسرة إلى مكتبة الثورة، وعندما قيل له إن هناك مجلس إدارة من كبار المثقفين لهذه السلسلة وإنه لا يستطيع تغييرها بطريقة البلطجة قرر أن ينهى تعاقد د. أحمد مجاهد، رئيس الهيئة، وحين قيل له يستحسن أن يكون هناك مبرر فقال إنه تغيب عن العمل وهو أمر لم يحدث وكان فى مكتبه حتى آخر لحظة، يعنى أن الوزير يكذب على الشعب حتى قبل أن يجلس على كرسيه. ثم أعلن أن الفنانة إيناس عبدالدايم، مديرة الأوبرا، عليها أن تترك منصبها، وعندما شعر بثورة فى الأوبرا قال إنها سوف تبقى وبعد أسبوع أرسل خطاب إقالتها يعنى هو كذاب للمرة الثانية. وأدت رعونته إلى إيقاف أوبرا عايدة وعروض الأوبرا ثلاثة أيام احتجاجاً على تصرفه الأهوج، ورفض رضا الوكيل أن يحل محل إيناس. ثم جاءت مشكلة المعرض العام للفن التشكيلى، فبناء على شكوى قدمت له قرر تأجيل افتتاح المعرض. وطلب رفع عدد من اللوحات، هذا الوزير الذى لا يفقه شيئاً عن الفن التشكيلى ولا يعلم أن قوميسور المعرض هو الذى يحدد لجنة التحكيم وهو الذى يضع القواعد ويمكنه أن يدعو فنانين مرموقين للاشتراك خارج المسابقة لرفع مستوى المعرض، وإذا كنت يا وزير لا تفهم ولا تعرف طيب «اسأل استشير». وتظاهر الفنانون التشكيليون وفتحوا المعرض غصباً عنه وكان المستوى هذا العام ممتازاً، فأمر الوزير الهمام بإنهاء انتداب د. صلاح المليجى. وفى دار الكتب والوثائق طلب من د. عبدالناصر حسن، رئيس الهيئة، الاستقالة مع إنهاء انتداب جميع المسؤولين الكبار، فرفض ذلك. هل رأيتم رعونة أكثر من ذلك؟ يقول إنه جاء لتطهير الفساد، عليك أن تدرس وتبحث عن الفساد وتوثقه ثم تعاقب المسؤول.
العيب ليس فى الوزير لأن الكل يعرف أنه لا يصلح لشىء فى أى مكان قيادى لأسباب مهنية وفنية وقيادية. ولكن العيب والمصيبة فى حضرات السادة الذين عينوه فى هذا المنصب. الشىء الإيجابى الوحيد للوزير هو أنه أساء إلى الإخوان وساهم مساهمة جبارة فى خفض شعبيتهم بسبب كل هذه الرعونة وسوء التصرف، وأدى إلى انتشار شعار «يسقط يسقط حكم المرشد» فى جميع الأماكن الثقافية لأول مرة.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.