الله يرحم البِدَل الصيفى!
كان الدكتور مرسى يرتدى البِدَل الصيفى ذات نصف الكُمّ المصنوعة فى المحلة، ويظهر فى كل مكان بها كأى مدرِّس جامعى ريفى صاحب مرتَّب محدود وذوق أكثر محدودية.
يعيش الدكتور مرسى فى نفسه وداخل مجتمع منغلق وقادر على فصل حياته عما يحيطه تماما بدليل سبع سنوات إقامة فى الولايات المتحدة ولم تؤثر على أى ملمح من ملامح حياته، فلم تؤثر لا فى كلامه وطريقة أدائه ولا تعلَّم الإنجليزية أو أجادها ولا يزال يتكلم بها على طريقة طالب يحفظ الكلمات الإنجليزية بكتابتها بحروف عربية ولم تمس أى شىء تحت قشرة دماغه ولا أثّرت فى لبسه ولا فى ذوقه.
ربما الشىء الوحيد الذى أثرت فيه أمريكا على مرسى هو الولع باحتفاظ عياله بالجنسية الأمريكية حتى وهو رئيس مصر، فيبدو أن الجنسية لعياله أمان لشىءٍ ما فى يومٍ ما، مما يبرر هذا التمسك الشاذ بها، حيث لا يصح من باب الوطنية مثلا أن يكون رئيس البلاد والدًا لأبناء ولاؤهم لعَلَمٍ غير عَلَم بلد والدهم. لكن عموما لا مرسى ولا عياله يهمهم عَلَم ولا تفرق معهم هذه الأمور الرمزية كما أى إخوانى أصيل.
لكن ها هو ذا مرسى يغيِّر البدلة.
لا أعرف من الذين استعان بهم مرسى لتغيير نوعية بِدَله، وغالبا هم الأتراك الذين جاؤوه لمنحه خبرة الحكم، فلم يأخذ منهم إلا البدلة (هل هى صناعة مصرية أم تركية أم إيطالية؟).
تغير شكل مرسى بالبِدَل الجديدة والقمصان التى ما كانت تظهر فى مرحلة البِدَل الصيفى، خصوصا أنه أطلق لحيته بعد الثورة (ما الذى كان يمنع من إطلاقها قبل الثورة؟ هل كان تخفِّيًا أم تَقِيَّة أم تصديرًا لشكل الإخوانى العصرى؟).
لكن هل تغير أى شىء غير البِدَل؟
لا طبعًا هو ذات الدماغ ونفس الأداء الانفعالى العصبى الأجوف صوتيًّا وفكريًّا والخطابات المملَّة المحشوة بالثرثرة!
وهو نفسه على حاله عضو فى جماعة سرية فى تنظيمها وبنائها وأفرادها وتمويلها.
مرسى لا يزال عضوًا فى الجماعة، فلا هو استقال منها، ولا خرج من خيمتها أبدًا، بل منغمس حتى لحيته فيها، وهنا نستطيع أن نؤكد، كما كتبتُ وقلتُ من قبل، أنه طبقا لتنطيم جماعة الإخوان فإن مرسى رغم كونه رئيسًا للجمهورية فهو مرؤوس لأحد أعضاء الإخوان غير المعروفين، فضلا عن أنه مرؤوس لمرشد الإخوان بطبيعة الحال!
لكن مَن رئيس مرسى المباشر فى الإخوان حاليًّا؟
تنظيم الجماعة يحتِّم على أى خمسة من الإخوان فى منطقة قريبة معًا أو فى مجال عمل مؤسسة تجمعهم تشكيلَ أسرة إخوانية فى ما يشبه الحلقة العنقودية الصغيرة، وهذه الأسرة يتولى إدارتها ورئاستها شخص يطلق عليه لقب «النقيب»، وهو حلقة الوصل بين القيادة الأعلى وهذه الأسرة.
المؤكد أنه لا يوجد إخوانى على الإطلاق مهما علا شأنه فى الجماعة إلا وهو فى أسرة إخوانية، تابع لها متلقٍّ أوامره منها، حتى مرشد الإخوان نفسه وأعضاء مكتب الإرشاد كل منهم عضو فى أسرة إخوانية تحت رئاسة نقيب.
إذا قسنا هذه القواعد على الدكتور مرسى فسنتأكد من الحقيقة المؤكدة، أنه عضو فى أسرة إخوانية داخل قصر الاتحادية، وقد تعدد وزاد إخوان القصر.
وربما امتلاء قصر الاتحادية بالإخوان هو ما يفسر زيادة ميزانية الرئاسة خمسين مليون جنيه فى أول ميزانية لمحمد مرسى، فحجم التوسع فى تعيين الإخوان حتّم عليهم ربما زيادة المخصصات المالية، كأننا أمام رئاسة جمهورية تموِّل الإخوان الآن عبر تعيين رجالها.
لكن السؤال هنا: ألم يزعم محمد مرسى أنه تنازل عن راتبه من الرئاسة؟ طيب من أين ينفق سعادته على نفسه وبيته؟ ولماذا يستخدم أولاده استراحات وقصور الرئاسة المنتشرة فى البلاد إذا كان الإخوان زُهَّادًا كما يدَّعى؟ ومن أين دفعت السيدة قرينته، كما زعمت، نفقات الإقامة فى فندق طابا؟ نحن نعرف أن الدكتور مرسى قدَّم إقرارًا للذمة المالية فى الانتخابات الرئاسية يثبت أنه على باب الله، بلا ثروات.
إذن من أين ينفق؟
بل وكيف وفَّر هذه البِدَل الجديدة وسعرُ أى بدلة فيها أكبر من راتبه الشهرى فى الزقازيق؟