ايجى ميديا

السبت , 2 نوفمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

هؤلاء الفاشيون .. قصار النظر!

-  
نشر: 1/6/2013 8:00 م – تحديث 2/6/2013 12:27 ص

عندما يرحل أب قاس لم ينعّم بمشاعر الأبوة وإن احتفظ في كذب مفضوح ببعض مظاهرها والقابها، يصبح ابناؤه ضائعين يبحثون حولهم عن أب يتبناهم ويصدر لهم الاوامر التي اعتادوا على تلقيها، حتي لو على مضض. وبعد ان يرحل هذا الأب الفاشل، واسرته، مخلفاً ورائه تركة ثقيلة ونظاماً مهترئاً، ترى فئات واسعة من الشعب تفتقد هذه السلطوية والعنجهية وتبحث عمّن يمكن ان تمنحه هذه السلطة الابوية، تبحث عن راعي جديد قد يكون الجيش او مكتب الارشاد، لانها في قرارة نفسها تخشى الحرية التي لا تعرفها.

مبارك، قطعاً، لم يكن أباً لشعب مصر. كان الرجل حاكماً فاسداً ساهم في تحول نظام يوليو السلطوي الى مجموعة لصوص ومنتفعين اضعفت وافسدت مؤسسات الدولة من قضاء وامن وصحة وتعليم، وخلقت مناخاً بوليسياً خيّم معه على البلاد جمود سياسي. عجز الرجل ونظامه عن اقتناص فرصة ذهبية لتطوير نظام الحكم في مصر بعد ان تغير العالم وانتهي الاتحاد السوفيتي واتضح ان مصير الانظمة الابوية السلطوية، مثل التي حكمت مصر في القرنين الماضيين، تغرب في العالم كله. والشعب المصري، ليس بالتأكيد، مجموعة من الاطفال القصر، ولكن فئات منه، بل ومؤسسات منها الجيش والأمن واحزاب معارضة، وحتي الثقافة السياسية نفسها، تحول بعضها في ثنايا انحطاط نظام مبارك من خدمة الدولة والشعب إلي تنظيم توزيع الثروة والسلطة فيما بينها خارج نطاق القانون واحتقار بل وتعذيب الشعب. وصارت هذه النخب تنظر لقطاعات واسعة من الشعب على انها متخلفة، او متطرفة، او منحلة وبعيدة عن الله، او جاهلة لا رجاء منها.

والان بعد ان سقط مبارك يسعى ما تبقي من نظامه بما فيه بعض المعارضين الذين تشرّبوا بسياسات واخلاقيات هذا النظام للعودة الى نظام ابوي سلطوي - بل وفاشي في بعض صوره. ونري بين صفوف الفاشين الجدد، قصار النظر، علمانيين واقليات واسلاميين، ورجال اعمال وعمال وفلاحين وفنانين، الى اخر كل فئات المجتمع الذي سدت عقود طويلة من الركود شرايين الابداع فيه. مبارك ونظامه هو الاب الشرعي لكل هذه الفئات الفاشية بنسخها الدينية والعسكرية. وبالطبع عندما انهار ذلك النظام الشرس الذي صارت الدولة معها تقف على رمال متحركة ظهر لدينا الفاشيون المطالبون بالنظام لان البلد محتاجة «راجل يشكمها» او بصورة الطف «مؤسسة متماسكة تنقذها من الضياع».

واكثر الاطياف الفاشية ظهوراً الآن هو الفريق المنادي بعودة العسكر للحكم. المذهل ان الجيش لم يترك كل جوانب الحكم في مصر كما يدرك أي صاحب نظر. ببساطة الجيش المصري لم يعد يحكم مصر بمفرده مباشرة او من خلف ستار كما اعتاد منذ عام ١٩٥٢ ولكنه مشارك واضح وقوي في الاقتصاد والسياسة. ولكن هذا الفريق الفاشي بعلمانيته المفتعلة او خوفه المبرّر من تصاعد الطائفية يصرخ الآن يوما بعد يوم مناديا الجيش ان يحكم مباشرة دون مساومات او حلول وسط مع الاخوان او المعارضة المدنية: «تعالوا خلصونا، رجعوهم بقه السجن». ويقصدون طبعا ان يخلصهم الجيش من الاخوان المسلمين، والسلفيين «الذين يستحقون جميعا انتقادات حادة لسوء ادائهم السياسي والاقتصادي، ناهيك عن مساعي السيطرة الاجتماعية المتزايدة».

أما الفريق الفاشى الأخر فمؤلف من السلطويين الاسلاميين الذين تمثل لهم الديمقراطية مجرد قناع لبسوه حتي يمكنهم الله، وفقا لتصوراتهم، من هذه الدولة اللي اسمها مصر وبعدها سيهدوننا جميعا الى سواء السبيل «بمزاجنا او غصب عنا» تنفيذا لمخططات الجماعة.

ما بين الخائفين على مصالحهم وطريقة حياتهم ورعونة الحكومة الحالية من ناحية والخائفين من فشل المشروع السياسي الاسلامي والمصرّين على تطبيقه دون خلق ارضيات تفاهم مشتركة مع الاخرين من الناحية الاخري، تقف الحياة السياسية المصرية الآن في ظل تهديد فاشي من قصار النظر الخائفين من الاستمرار في هذا الطريق الملىء بالمطبات، طريق الديمقراطية والحلول الوسط.

من العبث احيانا الدخول في حوار منطقي مع الفاشيين قصيري النظر. ماذا تقول لمواطن علماني او من الاقليات ينظر لما يحدث في مصر او ما حدث من قبل في السودان وافغانستان وغيرها ويريد ان يتدخل الجيش لوقف التردي المستمر في مصر. هل تقول له يا اخي تذكر ماسبيرو وعلى اجساد من سارت المدرعات؟ هل تقول له يا اخي تذكر كم الف شخص تعرضوا لمحاكمات عسكرية اعتباطية؟ هل تقول له ان الافضل لجيش مصر ان يقوم بوظيفته المنصوص عليها في الدستور وهي حماية امن البلاد وسلامتها وليس حكمها؟ وهل تقول له ان الجيش «خد فرصته» وحكم البلاد ستين سنة ووصل بنا ومعنا «فهو في النهاية جزء من الثقافة السياسية» الى ما نحن فيه؟

ماذا تقول لاسلامي سلطوي يعتقد انه يملك الحقيقة ويرد عليك قائلا: «هو الاخ مش مسلم ولا ايه؟» او ببجاحة وسخافة: «طب ما اللي مش عاجبه يهاجر؟ مش قلتوا ديمقراطية وادي احنا كسبنا بالصناديق؟ نعمل بقه الدستور ونطبق شرع الله وبعدين تعالوا حاسبونا في الانتخابات الجاية؟» هل تقول له ان الديمقراطية تبدأ من الصناديق ولكنها ترتكن على حكم القانون واستقلال مؤسساته واحترام حقوق الاقليات؟ هل تلفت نظره إلى ان من حصل على سبعين في المائة في البرلمان او خمسين في المائة في الرئاسة عليه ان يستمع ويحتوي بقية الشعب ولا يسعى لهدايته المزعومة بالقوة. اتقول له ان مصدر الشرعية هو الشعب الذي يطبق «فهمه» للقرآن والاسلام وان هناك مقاربات مختلفة مذهبية وسياسية لكيفية تطبيق مقاصد الاسلام وشريعتها تتغير مع مرور الزمن وتغير الظروف وان ما تطبقة الحكومة السعودية يختلف عن فهم الاحزاب الاسلامية المغربية عن انصار الدين في مالي عن بوكو حرام في نيجيريا والشباب في الصومال والجماعة الاسلامية في مصر، الخ.

ولكن محاولة النقاش النظري والتاريخي مع الفاشيين مضيعة للوقت والجهد ورافعة للضغط. يجب ان يعرف معسكر «الحقني يا جيش» ان:

١- الجيش وفقا لقائده السيسي نفسه لا يريد الحكم. ووفقا لـدراسة في تقرير الشرق الاوسط يسيطر الجيش على ما قد يصل الى اربعين في المائة من اقتصاد البلاد كما توضح زينب ابو المجد في مقالة في الفورين بوليسي واخرى في موقع جدلية اليات هذه السيطرة. لا توجد اي دوافع لدي الجيش ليحكم ولديه دوافع كثيرة ليبقى وراء الستار.

٢- انتهي عصر الحكم العسكري في العالم كله «يعني ما عدا كوريا الشمالية»، وقد يكون مقبولا للعالم ان يحكم الجيش من وراء ستار في باكستان او غيرها ولكن لا جيش في القصر. فقد انتهى هذا العصر.

٣- لكي يصل الجيش للحكم سيكون عليه ان يعتقل ويكبت او قد يتورط في اعمال عنف واسعة النطاق ستصبح ضرورية لحرمان الاخوان المسلمين وغيرهم من الجماعات الاسلامية من المشاركة المستحقة لهم في العملية السياسية. لقد رفض الجيش المصري من قبل الدخول في مواجهة دموية مع الشعب ولا توجد اي دوافع له ليغير توجهاته. ويحصل الجيش سنويا على معدات ومساعدات عسكرية متنوعة تصل 1.3 مليار دولار من الولايات المتحدة، وهي مساعدات ربما يعتقد البعض انها ليست ضخمة مقارنة بالميزانية الكاملة للجيش ولكن هذه المساعدات والتكنولوجيا ستتوقف او تتعرض للخطر اذا دخل الجيش في مواجهات عنيفة مع فئات من الشعب المصري.

اما الاسلامي الفاشي الذي يعتقد انه يحمل الخير لنا فهو يواجه معضلات مختلفة:

١- لا توجد لدي الاجنحة الاسلامية في مصر القدرة على فرض توجهاتها بالقوة المحضة لانها لا تسيطر على ألة القمع الشرطية وهي ألة اصابها عطب بالغ وباتت تفتقر للكفاءة على اي حال منذ مواجهتها مع الشعب في ٢٨ يناير ٢٠١١. وحتي لو استعادت كفائتها الامنية فجميعنا نعرف ما حدث لها في عز سطوتها امام غضب الشعب.

٢- مصر ليس لديها القدرات الاقتصادية والمالية التي تمكن انظمة اسلامية مثل السعودية من تهدئة المطالب الاجتماعية عن طريق توزيع الاعانات النقدية والدعم السلعي والوظائف.

٣- الاموال القطرية والخليجية القادمة لدعم عجز الموازنة وايقاف تردي الجنيه المصرية ذات فوائد عالية نسبياً «اعلي من فوائد قروض صندوق النقد الدولي» ولابد ان لها مشروطية حتى لو لم تكن معلنة، كما انها فشلت حتى الآن في انقاذ الاقتصاد من التردي المتواصل او الجنيه من الانخفاض المستمر امام الدولار.

٣- اخيرا، الاعلام لم يعد قابلا للخضوع وسيفضح اي انتهاكات حقوقية ليس فقط عن طريق القنوات المملوكة لرجال الاعمال «بما فيها القنوات الاسلامية» ولكن ايضا عن طريق اليوتيوب والفيس بوك والانترنت عموماً. لم يعد يسيطر احد بعينه على انتقال المعلومات والانتهاكات يتم توثيقها ونقلها بسرعة.

٤- ليس هناك من تجارب ناجحة يستشهد بها الاخوان فهاهو السودان جارنا في الجنوب طبق مزيجا من العسكرة والاخوان في عشرين سنة ففقد ثلث البلاد مع استقلال جنوب السودان ودخل في حرب اهلية فقد معها فعليا السيطرة على قطاعات اخرى كبيرة من البلاد في دارفور والشرق، ولولا النفط الذي يمده بمئات الملايين من الدولارات سنويا لانهارت البلاد اكثر. هل نحتاج للحديث عن باكستان وافغانستان وفشلهما المدقع؟

إن الاعتماد على السوق «او اسوأ مدارس الاقتصاد النيوليبرالي» من اجل خلق الوظائف وتحسين الخدمات وانعاش قطاعات اقتصادية مثل السياحة لن ينجح عن طريق ادوات مالية مثل اصدار صكوك واذون خزانة هي في النهاية تغرّق البلاد في مزيد من الديون. هذه الاجراءات الاقتصادية قصيرة النظر لن تفيد في حل مشكلة اساسها السياسية. لينتعش الاقتصاد في مصر نحتاج الى استقرار حقيقي «وليس مفروض عن طريق العنف والقوة» وذلك من اجل ان تعود حركة السياحة وتتدفق الاستثمارات المحلية قبل الاجنبية ويستقر سعر صرف الجنيه. دواء الاقتصاد في السياسة بمعني تقديم تنازلات من الاطراف لبعضها البعض وبناء توافق وليس استغلال السلطة بطريقة فاشية سترفع من وتيرة العنف المتزايد الى مستويات قد توجه ضربة اكثر عنفاً للاقتصاد المترنح.

احلام السلطة والسيطرة المطلقة من جانب قطاعات ليست بالصغيرة من الاسلاميين ومعارضيهم في مصر يمكن ان تتحول الى كوابيس من الفشل الاقتصادي والعزلة الدولية والعنف المتصاعد ومزيد من التحلل الاجتماعي يمكن ان تغرق معه الدولة او تتفكك خاصة لو كانت دولة مريضة مثلما هو الحال في مصر. لم يعد هذا السيناريو مستبعدا مع كل هؤلاء الحمقي قصار النظر الذين يسوّقون لمشاريعهم ليل نهار. من الواضح ان انصار السلطة المطلقة سواء للجيش او لفريق اسلامي يفتقرون للوسائل الاقتصادية او القدرات القمعية الكفيلة بانجاح مشاريعهم في مصر ولكن هل تصمد الدولة المتزايدة الضعف في وجه هذه المحاولات؟

التعليقات