عندما تجلس أمام أى طبيب تشكو إليه ما تعانيه من مرض، يسألك فورا أسئلة فى التاريخ، يطلق عليها الدكاترة «الهيستورى - history» (على اعتبار أن الإنجليزى يُضفِى أهمية أكثر على شخص الطبيب)، هذا إذن أول طريق تشخيص المرض وأول بدايات العلاج الصحيح، أن نعرف تاريخ مرضك، هل شعرت بهذه الأعراض من قبل، هل تعرضت لهذه الأمراض فى طفولتك، هل عندك حساسية من الإسبرين، هل والدك كان عنده سكر، هل شهدَت عائلتك مرضى نفسيين، هل والداك قريبان... ليس بيننا مَن لم يتعرض لهذه الأسئلة فى زيارته لطبيب، والدرس الذى نفهمه أن التاريخ هو الذى يصنع الحاضر، وكذلك هو الذى يعالج المستقبل، وستسأل نفسك: ليه وطننا مريض؟ لماذا لن ينجح مرسى وإخوانه فى إدارة البلد بل يغطسون بها إلى القاع؟! الإجابة فى الـhistroy، فى التاريخ، تاريخ العالم الإسلامى الذى يمتلئ بوعاظ السلاطين، هؤلاء الذين باعوا علمهم للخليفة والسلطان والمملوك والملك والرئيس، وعاظ السلاطين الذين يزيِّنون للحاكم الفساد والاستبداد وينافقونه ليل نهار طلبًا للدنيا وللجاه والمال (على المنابر وعلى شاشات التليفزيون أيضًا)، وهؤلاء أجداد وُعاظ وشيوخ وفقهاء زماننا الحالىّ البالى، هؤلاء وعُاظ وعلماء حذر منهم النبى صلى الله عليه وآله وسلم. لقد أخرج الإمام أحمد فى مسنده، والبيهقى بسند صحيح، عن أبى هريرة رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من بدا جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتُتن، وما ازداد أحد من السلطان قربًا، إلا ازداد من الله بعدًا».
وأخرج ابن عدى عن أبى هريرة رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: «إن فى جهنم واديًا تستعيذ منه كل يوم سبعين مرة، أعدَّه الله للقُرَّاء المرائين فى أعمالهم، وإن أبغض الخلق إلى الله عالِم السلطان»، وأخرج الحاكم فى تاريخه، والديلمى، عن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ما من عالِم أتى صاحب سلطان طوعًا، إلا كان شريكه فى كل لون يعذَّب به فى نار جهنم».
وأخرج أبو الشيخ فى الثواب عن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا قرأ الرجل القرآن وتَفَقَّه فى الدين، ثم أتى باب السلطان، تملُّقًا إليه، وطمعًا لما فى يده، خاض بقدر خطاه فى نار جهنم».
وأخرج الديلمى، عن ابن عباس رضى الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يكون فى آخر الزمان علماء يرغِّبون الناس فى الآخرة ولا يرغَبون، ويزهِّدون الناس فى الدنيا ولا يزهَدون، وينهَون عن غشيان الأمراء ولا ينتهون».
وأخرج الديلمى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الله يحب الأمراء إذا خالطوا العلماء، ويمقت العلماء إذا خالطوا الأمراء، لأن العلماء إذا خالطوا الأمراء رغبوا فى الدنيا، والأمراء إذا خالطوا العلماء رغبوا فى الآخرة».
وأخرج أبو عمرو الدانى فى كتاب الفتن عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تزال هذه الأمة تحت يد الله وكنفه، ما لم يُمَارِ قُرَّاؤها أمراءها».
احذروا هؤلاء، وأنتم تعرفونهم بالاسم.. قد حذر منهم النبى محمد بن عبد الله.. وصلوا بينا على النبى!