فضيلة الدكتور محمد مرسى «الذراع الرئاسية» للست الجماعة السرية الفاشية الفاشلة لم يفاجئ أحدا عندما تذكر أول من أمس، واجب الشتم والهجوم اليومى على منابر الإعلام الحر، ونسى أو تناسى «أم الكوارث» الوطنية التى يجرجرنا إليها فضيلته وجماعته وحكومتهما التعبانة، إذ بينما خصص جنابه جزءا معتبرا من خطبة الجمعة الجديدة التى ألقاها أمام ما تيسر من أهله وعشيرته لإظهار شىء من الغل والغيظ من الإعلام والإعلاميين والمعارضين جميعا، لم يفتح المولى تعالى، على فضيلته ولو بكلمة واحدة تشى بأن الرجل و«إخوانه» مهتمون أو حتى وصلهم خبر بأن شريان حياة مصر بات مهددا تهديدا خطيرا وغير مسبوق بالانسداد أو القطع التام وأن البلاد التى يحكمونها بالعافية والبطلان والبلطجة تتأهب للانتقال بالسلامة وبسرعة من حال الفقر المائى الراهنة، إلى جوع وعطش وخراب شامل ومستعجل ينذر بإبادة جماعية للمصريين، بفضل هؤلاء السادة وتحت رعايتهم!!
غير أنك عزيزى القارئ ربما تكون قد استمتعت مثلى بالعبارة اللطيفة الظريفة التى تفوَّه بها فضيلة الحاج مرسى وهو يرغى ويزبد ويشتم فى الإعلام والمعارضة وسائر قطاعات وفئات الشعب التى فاض بها الكيل وطفح غضبها من حكم «مرشد» و«شاطر» فضيلته.. أقصد عبارة أن جنابه يعرف «مين بيقول إيه، وازاى، وعشان إيه»!!
أما أنا فأعرف أن المتعة التى سببتها العبارة المذكورة لكثيرين لم تكن من النوع الناجم عن النكت وعبارات المسخرة العادية وإنما كانت متعة عقلية خالصة، لأن صاحب الفضيلة صاحبها صاغها بطريقة السهل الممتنع وقد نحتها على نحو يجعلها تبدو للسامع أو القارئ فى أول الأمر بسيطة وسلسة، لكى لا أقول تافهة وعبيطة جدا، لكن ما إن يحاول المرء استخلاص معناها حتى يكتشف ويصطدم فورا بتعقيدها اللغوى الشديد الواصل إلى حياض الغباوة شخصيا، لهذا فقد أنفقت من وقتى ساعات طوالا وأنا أفعص وأقلب فى هذه العبارة يمينا وشمالا وفى كل اتجاه، وفى اللحظة التى كدت فيها أفطس (من التعب وليس الضحك) اهتديت بفضل الله إلى طريقة معقولة لفهمها وفك طلاسمها تقوم على تفكيكها لحتت وقطع صغيرة وبحث وتمحيص كل قطعه لوحدها، وذلك على النحو التالى:
أولا: الحاج الدكتور «الذراع» تعمد استهلال عبارته الخالدة بأنه «عارف مين بيقول إيه»، وأظن أن معنى هذه الكلمات سهل وواضح ولا يحتاج لشرح كثير ولا قليل، فهو يقصد أن حكم «جماعة فضيلته» من النوع البوليسى الفاشى الفاشل الذى لا يهمل أبدا واجب التنصت والتجسس على خلق الله طول الوقت وعلى مدار الساعة.
ثانيا: أما كلمة «إزاى» التى وضعها فضيلته بعد الشطر السابق مباشرة، فقد تبدو للشخص المستعجل مجرد «هرتلة لغوية» لا تفضى لأى معنى ولا تأخذ سامعها لأى مكان، إذ المشهور والسائد بين عموم الناس أن الإنسان المواطن من دول الذى «يقول إيه» يفعل ذلك بلسانه وخلاص، ومن ثم لا مجال للسؤال عن كيف و«إزاى» قالها، بيد أن ما لا يفهمه ولا يعرفه غير المخبرين المتخصصين أن تلك «الإيه» بالذات يمكن إعلانها بوسائل متعددة وليس بالكلام فحسب، فهناك «إيه» بالإشارة ذات المغزى مثلا، وفى هذه الحال فإن مرتكب «الإيه» بهذه الطريقة لن يفلت بفعلته، لأن نظام الحاج مرسى البوليسى لا يكتفى بالتسجيل الصوتى للمعارضين، وإنما يقدم لهم مجانا خدمة تصويرهم فى كل الأوضاع.
ثالثا: وأخيرا ليس صدفة أن فضيلة الدكتور ختم عبارته بكلمتى «عشان إيه»، فطبقا للقواعد والأصول العلمية فإن المتجرئين على إبداء «الإيه» بأية طريقة كانت، ليست لهم جميعا دوافع واحدة، وإنما قد تكون لكل منهم مآرب ومرامٍ مختلفة مستترة ومستقرة فى الضمير، لذلك فإن جناب فضيلته أراد إنذارنا وتنبهينا بأن السادة «البقالين» المتخصصين فى جماعته لا يتورعون ولا يتعففون عن التنقيب والتفتيش فى ضمائر الناس وقلوبهم.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.