رغم أنه كان بين أهله وعشيرته من جمعيات الإخوان والتيار الإسلامى الذين جمعهم أمامه، أمس، محمد مرسى، حتى يخطب فيهم عن المجتمع المدنى، فإنه كان عصبيًّا ومنفعلًا ومتوترًا وسط الأهل والعشيرة المحيطة به بدفئها وولائها وتصفيقها وهتافاتها، «مشهد مزرٍ، فهو شبه مؤتمرات النظام السابق تمامًا».
ما سر الانفعال؟
لا أعرف، فالرجل يتباهى بأنه يلتزم سياسة الجلد التخين، فهل رقّ هذا الجلد فظهرت تأثّرات الضغوط عليه فى انفعال مفرط.
لكن خروج الدكتور مرسى عن نَص خطابه والارتجال المعتاد جاءا هذه المرة عند الكلام عن الإعلام الذى تقاطعت كلماته بين الهجوم الصريح أو التلميح بعمالة البعض فى الإعلام لأعداء الوطن، مع تهديد مبطن وبعض المن بتسامح، فضلًا عن تلقيح -على الطريقة الإخوانية- بالطعن فى أخلاق الإعلاميين واتهام مضحك برغبة الإعلام فى إعادة النظام السابق «ما تسأل حسن مالك: لماذا تجتمع مع رموز النظام السابق وتتصالح معهم؟ واسأل هشام قنديل الذى قال إنه لا يهمه مَن تعامل مع النظام السابق أم لا؟».
لا بأس.. هو كلام معاد وعادى، لكنه يقف بنا عند انفعال رئيس لم يَعِد الشعب -فى ما عدا أهله وعشيرته الذين يجلبهم للتصفيق والتهليل- يثق بأنه يمضى بالبلد على الطريق الصحيح، بل يؤمن بأنه يودى به إلى طريق التهلكة.
لعله سد النهضة وأثره.
لكن سد النهضة كغيره كاشفٌ لا مخترع.
يكشف خواء وعجز جماعة الحكم فى مصر على مواجهة ومعالجة تحديات داخلية وخارجية كثيرة وكثيفة وثقيلة.
جماعة أفرزت لنا عناصر يتحكمون فى البلد، بينما هم أصحاب خبرة إدارية محدودة فى جمعيات خيرية «انتهازية تستهدف رشوة المواطن الغلبان أو النصب الدينى على المواطن التعبان»، لكن الموهبة السياسية منعدمة، وقدرة الإقناع معدومة، فضلًا عن تربية نفسية مشوهة وشائهة داخل أقبية وأنفاق العمل السرى فى مصر.
جماعة الإخوان، التى تحكم البلد عبر مجنَّدها وجندها فى قصر الاتحادية، مريضة بغرورها وبضيق الأفق وانغلاق العقل، وهى ضيقة الصدر وواسعة الأكاذيب ولا أمل فى حوار معها ولا فى جلوس مع مندوبها الرئاسى، فهم يقولون ما لا يفعلون ويحنثون بالوعد، ولا عهد لهم ويكذبون كما يتنفّسون.
محصلة هذا كله أن الدكتور محمد مرسى يعيش منفصلًا عن إحساس ومشاعر ورأى الناس الحقيقى، وكل ما يهمه هو تقارير جماعته ومكتب إرشاده، ولا يعنيه إلا بديع والشاطر وعزت وأمين، فهم سادة قراراته.
ومن هنا الخطر.
الخطر الحقيقى على البلد يأتى من أداء محمد مرسى.
سياسته فاشلة فى إدارة البلاد حتى الآن، ولا توجد إشارة واحدة إلى أنه سينجح.
ثم هو جندى مجنَّد لجماعته ولا توجد علامة واحدة على قدرته على قطع الحبل السرى «العلنى» مع الجماعة.
إنه لا يعير الناس همًّا ولا اهتمامًا، وإنه لا يتلقى من المصريين أمرًا، بل أوامره من الجماعة.
لا يمكن تكمل كده!