عمرنا ما سمعنا أن «البرادعى» سبّ أحداً.. عمرنا ما قرأنا أن «البرادعى» شتم أحداً.. لا قال يوماً فلان نصاب، ولا قال يوماً علان كذاب.. السبب أنه «متربى».. السبب أنه عف اللسان.. لا هو زفر، ولا هو قليل الأدب.. عاش فى عائلة سياسية.. تعلّم السياسة النظيفة.. بالأمس قرأت حواراً للمرشد مهدى عاكف، يتهم «البرادعى» بأنه نصاب.. يصف من يطالب بتقنين الجماعة بأنه «أهبل»!
قرأت نص الحوار فى «اليوم السابع».. أجرت الحوار طالبتان من إعلام عين شمس، هما آية الله محمد، وسارة حسام الدين، وصورته الطالبة دينا طلعت.. قدمه الزميل محمود راغب.. الحوار صادم لدرجة أنه لا ينبغى أن يمر.. على مدى الحوار ستقرأ كلمات مستفزة للغاية.. منها نصاب، وأهبل، و«تحت الجزمة»، خاصة عندما يتحدث عن الإعلام الساخر.. هذه مفردات تميز بها المرشد عاكف!
ولأنه حوار أقل ما يوصف به أنه خارج على اللياقة، فقد تقدم الدكتور سمير صبرى، المحامى، ببلاغ للنائب العام المستشار طلعت إبراهيم، ضد مهدى عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين السابق، عن واقعة إهانته لأحكام المحكمة الدستورية العليا، ومجلس الدولة، ووصفه لهذه الأحكام بأنها «هبل».. وأظن أن البرادعى سوف يقدم بلاغاً ضد «عاكف»، لنعرف أيهما النصاب؟!
المصريون فى نظر المرشد عاكف فريقان.. أحدهما أهبل والثانى نصاب.. الإهانات تتجاوز الأشخاص إلى المؤسسات.. أهان الأشخاص وأهان القضاء.. هل ننتظر أن يصدر قرار ضبط وإحضار للمرشد؟.. أم أنه فوق القانون؟.. لا ينسى المصريون أنه المرشد الذى قال «طظ» فى مصر.. «طظ» فى أى شىء إلا الجماعة.. فى الوقت نفسه، يطالبنا بأن نضرب تعظيم سلام للرئيس وقراراته!
على خيبة إيه نضرب تعظيم سلام؟.. على سد النهضة، أم على استقباله بطريقة شائنة ومهينة فى إثيوبيا؟.. نضرب تعظيم سلام ليه؟.. على خطف الجنود فى سيناء وخضوعها لسيطرة التكفيريين؟.. أم على إهانة القضاء واضطراب مرفق العدالة؟.. نضرب تعظيم سلام على الأزمات اليومية والأكاذيب اليومية؟.. أم على فشل الرئيس فى توحيد الصف المصرى، لمواجهة الأزمات الخارجية؟!
مصر كانت أحوج ما تكون لوحدة الصف الآن.. تحتاج لرئيس ثورى، يعبر عن الثورة والدولة، أكثر مما يعبر عن الجماعة.. للأسف أفرزت الانتخابات رئيساً ابن جماعته.. لا يتزحزح عنها قيد أُنملة.. لا يرى فيما تقوله الجماعة خطيئة.. لا يجرؤ على لفت نظر «العريان» أو «عاكف» فى شىء.. هل يستطيع تنبيه مرشده السابق، لخطورة اتهام القضاء والبرادعى بالهبل والنصب؟!
لأكثر من سبب، اتفق مع طلبات المحامى الكبير سمير صبرى، بضبط وإحضار مهدى عاكف.. لأكثر من سبب أؤيد إدراج اسمه على قوائم المنع من السفر.. أطالب بسماع أقول المحررتين الواعدتين.. أطالب بتحريز الأسطوانة المدمجة وتقديمه للمحاكمة.. خاصة أن «عاكف» أهان أحكام المحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة.. هل المرشد عاكف فوق القانون؟.. هل يؤدى دوراً للجماعة؟!
قراءة الحوار تفوّر الدم.. أقل الشتائم نصاب وأهبل.. شتائم طالت البرادعى، والهلباوى، والقضاء.. تميزت المحررتان بالصبر فى مواجهة طغيان المرشد.. استخرجتا منه اللآلئ والدرر!.. لم يتحمل فطردهما نهاية المطاف.. يرى أن الجماعة فوق مصر، ويرى أن الإعلام الساخر «تحت الجزمة»!