بعد أربع وعشرين ساعة تقريبا من عودة مرسى من إثيوبيا قررت أديس بابا وأقدمت وعزمت وفعلت ونفَّذت ضربتها!
غيَّرت مجرى النيل الأزرق من أجل استكمال بناء سد النهضة (تمت ثمانية عشرة فى المئة من عملية بنائه).
السد نفسه خطر داهم على حصة مصر فى مياه النيل (التى لا تعترف بها إثيوبيا أصلًا) وعلى تدفق النيل لمصر أساسا.
إثيوبيا مصممة ومصرّة وتقول وتفعل، وها هى تفعل!
أما مصر مرسى فهى كمرسى مبارك.
كان النظام السابق متعاليا متغطرسا مع إثيوبيا وتبادل مع نظامها كراهية غريبة تتناقض مع عمق الاحتياج المصرى إلى إثيوبيا.
النظام الحالى للإخوان عاجز وفاشل وقليل الحيلة ومنقطع العلاقة مع إثيوبيا، بل وبينهما كارثة اسمها التيار الإسلامى فى الصومال والبحر الأحمر الذى يشكل خطرًا وحربًا على إثيوبيا، وهو حليف تقليدى للإخوان وتنظيمات الجهاد المصونة والمحصَّنة فى حكم مرسى!
كيف يحل مشكلة مع إثيوبيا وهو نظام لا يستطيع التوافق مع معارضة مصرية فى الداخل؟ وجهول لا يتمكن من حل مشكلات بلده فى الداخل، ولا أصدقاء له فى العالم العربى إلا قطر، ولا أصدقاء له فى العالم غير العربى إلا تركيا وأمريكا، ولا شعبية مع شارعه ولا زعامة مع جماهيره ولا إنجاز مع حكومته (لا تنسَ الفاشل هشام قنديل، وكما هو فاشل بحكومته فهو مساهم مدهش فى غرق البلد فى مشكلة المياه كمدير مكتب وزير رى الحزب الوطنى وحتى صار وزير رى ما بعد الثورة!).
ما فعلته إثيوبيا من استقبال مرسى بطريقة لا تليق برئيس مصر، وبإهمال وتجاهل وصل إلى حد قطع الصوت عليه فى أثناء خطابه (الطويل كالعادة، الملىء بالثرثرة الزائدة كالعادة) يبيِّن بوضوح (الذين يعميهم ولاؤهم للإخوان لا أمل فى بصر أو بصيرة مفاجئة) أن هذه الجماعة تجلس على كرسى أكبر منها جدا.
وهذا درس قاسٍ لمحمد مرسى.
لكنه غير قابل لاستيعاب الدروس.
ما شهدناه على مدى عام يؤكد أن مرسى لا يستوعب شيئا من ردود فعل قراراته ولا يتعلم من أخطائه، بل هو صورة أمينة ومخلصة لجماعته فى العناد والجلد التخين والغطرسة الفارغة!
هذه أصلا جماعة عمياء عن الحقيقة وتعيش عالمها السرى التحتى وواقعها الافتراضى الذى تتلقى فيه المعلومات من سيدها المرشد وليس من الواقع الفعلى.
إثيوبيا صفعت الحكم فى مصر صفعة موجعة ومؤلمة ومهينة.
الرد هو التهوين والتهبيل أو التهويل والتهليل لكن لا رد حقيقى واعٍ عملى سريع فعال.
فى مواجهة ما أقدمت عليه إثيوبيا سنسمع من مرسى وغيره من جماعته تخبيطا وتخليطا ووعودا فى الهواء ورعودا من البلاغة المنبرية ولا شىء آخر.
فقط بلد ينحدر تحت حكم بلا كفاءة.. وجماعة بلا عقل.. بلا خيبة!