الجنس أمتع شىء يفعله البشر. ليس هذا اعتباطًا. فالبشر إن فعلوا «اللالى» ولم يمارسوا الجنس سينتهون من على وجه الأرض. على الأقل هذا ما نعرفه حتى الوقت الحاضر. ومعنى هذا أن الجنس للوجود البشرى يفوق فى أهميته كل ما سواه. كله.
ثم إن الجنس أكثر متع الحياة توفّرًا، وأقلها تكلفة، وأجملها فى نفس الوقت، لأنه قادر على تشغيل أحاسيس كل ذرة فى جسمك، وفى مخك، وفى مشاعرك. ليس شرطًا أن يحدث هذا كل مرة، لكنه يملك الإمكانية. وحسب نظرية الاحتمالات فإن الاحتمال أكبر لو كانت المرات أكثر ومتنوعة. ثم إنه الوسيلة الوحيدة التى تجعل اثنين من البشر يلتصقان بهذه الطريقة العجيبة، ويلمسان تلك المناطق العجيبة، ويتكشفان كما لا يتكشفان أمام أقرب الناس إليهما بالدم أو الصداقة أو الجيرة.
هذه القوة الدافعة، على تنوعاتها، عامل أساسى فى إنتاج الفن، والشعر، والأدب، والموسيقى. عامل أساسى فى التمرد. أسريًّا عند البلوغ، واجتماعيًّا أيضًا. عامل أساسى فى الاكتشاف. بدءًا من اكتشاف النفس. اكتشاف الجسد وقدراته. وصولًا إلى اكتشاف آخرين. اكتشاف نفوسهم، واكتشاف أجسادهم وقدراتها. بهذا نتعلم يا صديقتى. بهذا نتعلم. اختارى الأقرب من والديكِ واسأليه: ألم يمرا بنفس المراحل السنية التى تمرّين بها؟ ألم يعرفا أن الجنس شىء مهم فى الحياة؟ ألم يشعرا أنهما لم يتمتعا به بالقدر الكافى؟ لماذا لم يحاولا أن يجعلا فرصة أبنائهما أفضل؟ بل لماذا يضيّقان عليهم أكثر؟ لماذا يتركانهم يمرون بأجمل سنين عمرهم الحسية دون أن يتمتعوا بها؟ أو يتحرروا من ذنب التمتع بها؟ قبل أن تشتغل الأسطوانة المعهودة، هذا المقال ليس بحثًا فى الأخلاق، هذا المقال عن التعاطى مع الأخلاق، عن طريقة النظر إلى الأخلاق. هل نصوغ أخلاقنا لكى نمنع التمتع، أم لكى نمكِّن الناس من التمتع؟
لأ. أوعى تعدّى على السؤال دا وتمشى وتعملى نفسك مش واخدة بالك. دا السؤال دا تقفى عنده، وتبصى له تانى، ولو مانفعش تانى يبقى تالت. وتفكرى فيه. هل نصوغ أخلاقنا لكى نمنع التمتع؟ أم لكى نمكِّن الناس من التمتع؟
مثال بسيط. روحى لأحد موظفى المؤسسة الدينية أو المعتاشين عليها، اسأليهم عن المشكلة الجنسية. وأنا قاعد مكانى أهو هاقول لكِ هيقول إيه. هيعيد الحديث النبوى: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة (التكاليف) فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء».
لما يقول لكِ كده إياكِ أن تمشى. إنك تجعلى الأموال التى يحصل عليها من التليفزيونات ومن صدقات الجوامع، ومن أموال ضرائبنا سهلة. قولى له، لأ، لست هنا لتبحثى عن «وِجاء»، أو وقاية، الجنس ليس مرضًا، ولا سهمًا قاتلًا، أنت هنا لتبحثى عن طريقة لإدراكه، لفعله، لتحقيقه. أنت هنا تبحثين عن طريقة للتمتع وليس لدرء أو منع التمتع. «لو قال لكِ ابقى تعالى وأنا أقول لك، ودا ممكن جدًّا فى حوار زى ده علشان يهزمك نفسيًّا، انتى عارفة لازم تعملى إيه».
كل العيوب والمخاوف الاجتماعية والنفسية والصحية والأخلاقية المرتبطة بالجنس، على عينك وراسك. قارنيها بالأمراض المقترنة بالأكل والشرب والتنفس، وقيادة السيارات، والتنقل بالطائرات، وغيرها. قارنيها. فى كل الأمور السابقة يرتكز تعاملنا على نقطتين: ضمان استمرارية الماء والهواء والغذاء إلخ. ثم إيجاد الحلول المبتكرة للتغلب على المشكلات. إلا الجنس، لماذا؟
لأن المؤسسة الدينية والاجتماعية مكلبشة فيه وترفض أى حلول بعيدًا عن وسائلها الفاشلة. وعدم فهمها لأبعاد الموضوع. أوروبا كمان كانت على هذا المنوال، لكن المجتمع استطاع أن يبدع حلولًا، ولا يزال. سيسوقون إليكِ ألف إحصائية عن المشكلات الرهيييييييبة من الجنس هناك. أؤكد لك أنها أقل بمئة مرة من المشكلات النفسية والاجتماعية والصحية الموجودة هنا، والمخبأة عنوة تحت السجادة. والظاهرة رشحًا وتصدعات بالحوائط، وتحرشًا، وتعاسة، وارتباطًا مرضيًّا بالعائلة حتى سن متأخرة. لو سألت تلك المجتمعات المعنية هل تريد أن يعود الجنس تحت تحكم المنظومة الأخلاقية لمؤسسة المتكسبين بالدين، ستقول المجتمعات لا. سيقولون لا، ليس لأنهم «منحلون»، بل لأنهم يحبون الدنيا، ويعمرونها، «ونحن نعيش على قفاهم»، ولأنهم.. فهموا أن المتعة، البهجة، لا التعاسة، هدف البشر الأذكياء. أن المتعة، البهجة، لا التعاسة، الدافع لعمران الحياة. فأى حل يشمل منعنا من شرب الماء ليس حلًّا.