لم أتوقف كثيرا عند حديث القيادى الإخوانى عضو مكتب الإرشاد الدكتور عبد الرحمن البر عن تحرير القدس على يد الأخ الدكتور مرسى! فالكلام يستند إلى «تهجيص» أحد الحاخامات اليهود الذى ينسب إليه الدكتور البر أنه تنبأ بأن يتناوب على حكم مصر -بعد عبد الناصر- ثلاثة يحملون اسم «محمد» وأن الثالث بينهم «أى الدكتور مرسى» سوف يفتح القدس وينهى دولة إسرائيل!
لم أتوقف عند هذا الكلام، لأن «تهجيص» الحاخامات لا يكتب التاريخ. ولأن الأخ مرسى انتقل من موقع «خيبر خيبر يا يهود» إلى موقع الضامن لأمن إسرائيل، الملتزم بالاتفاقيات معها، والذى يتغنى بـ«علاقات المحبة» مع الكيان الصهيونى فى خطابه الشهير لـ«الصديق الوفى» السفاح شيمون بيريز!!
ولم أتوقف كثيرا عند «تهجيص» الحاخامات، لأن المهمة العاجلة لنا هى تحرير سيناء واستعادة السيادة المصرية الكاملة عليها، وتطهيرها من عصابات الإرهاب، والثأر من المجرمين الذين استباحوا دماء جنودنا، وقطع الطريق على المؤامرات التى تستهدف هذه البقعة العزيزة من أرض مصر.
لم أتوقف كثيرا عند «تهجيص» الحاخامات، وإن كان تحرير القدس سيظل أملا نسعى إلى تحقيقه، ولا يهمنا أن يتحقق على يد «محمد الثالث» أو «حسب الله السادس» ولا تفرق معنا أن تتم فى عهد «الفاتح» أو «الغامق»!!
ولكن يبدو أن «التهجيص» لا يأتى من الحاخامات وحدهم، بل أصبح لدينا الكثير ممن ينافسون، والأمثلة كثيرة، ولكن فلنتوقف عند آخر «افتكاسات» الدكتور عصام العريان، التى تثبت أن «التهجيص» قد أصبح سمة عامة فى هذا الزمن الذى تسعى فيه الفاشية لاختطاف الوطن والسيطرة على حاضره ومستقبله!
فى آخر «اكتشافات» الأخ الدكتور العريان يرى أن السبب فى تعطل مسيرة «النهضة» ووصول مصر إلى هذا الوضع الكارثى فى ظل حكم الأخ الرئيس مرسى، لا يكمن فى فشل الحكم، ولا فى الانقلاب على الثورة، ولا فى تدمير مؤسسات الدولة، ولا فى رهن مصر لمصلحة «الجماعة».. وإنما السبب هو التنظيم الطليعى الذى زرعه عبد الناصر فى أجهزة الدولة!
ووفقا لهذه الافتكاسة فإن «التنظيم الطليعى» -وليس الأخ الرئيس وجماعته وأهله وعشيرته- هو الذى تبنى سياسة «أخونة» الدولة، وهو الذى أشعل الفتنة الطائفية، وهو الذى ضرب وحدة كل المصريين التى تحققت فى ميادين التحرير قبل الانقلاب على الثورة، وهو الذى..
ووفقا لهذه الافتكاسة، فإن التنظيم الطليعى -وليس الأخ الرئيس وجماعته وأهله وعشيرته- هو الذى كذب على المصريين، وهو الذى وعد بـ«نهضة» لا وجود لها، وبمليارات ضلت طريقها إلى مصر!! وهو الذى تبنى نفس سياسات الحزب الوطنى لتتضاعف البطالة، ويخنق الفقر نصف المصريين، وتغرق مصر فى الديون التى زادت فى كل شهر تحت حكم مرسى مليار دولار! وهو الذى يقود مصر -بنجاح عظيم- نحو كارثة اقتصادية لا يفعل لمواجهتها إلا تسوُّلَ القروض والإعانات!!
ووفقا لهذه «الافتكاسة» فإن التنظيم الطليعى -وليس الأخ الرئيس وجماعته وأهله وعشيرته- هو الذى أطلق الإرهاب من عقاله، وعفا عن القتلة وأخرجهم من السجون، وترك سيناء لتتحول إلى ساحة للإرهاب!! وهو الذى يفتح أبواب الحظر على قناة السويس التى أعادها نضال المصريين بقيادة عبد الناصر بعد سنوات الهوان التى يعود شبحها الآن ليطل علينا من جديد!!
ووفقا لهذه «الافتكاسة» فإن التنظيم الطليعى -وليس الأخ الرئيس وجماعته وأهله وعشيرته- هو الذى يضع شباب الثورة فى السجن، بينما يترك القتلة وزعماء الميليشيات يسرحون ويمرحون. وهو الذى يعذب الثوار ويضيف لقوائم الشهداء أمثال «جيكا» و«أبو ضيف» وضحايا بورسعيد. وربما سنكتشف -فى زمن التهجيص- أنه هو المسؤول عن اغتيال النقراشى ومحاولة اغتيال عبد الناصر، وعن مذابح الإرهاب وفتاوى التكفير، وعن محاولة إعادة مصر إلى ظلام العصور الوسطى!
هل هو التنظيم الطليعى، أم التنظيم السرى الذى قام على الإرهاب، والذى يتصور أنه قادر -بهذا الإرهاب- على أن يخضع مصر لحكمه الفاشى؟!