هكذا كان شعار كل من المشاركين في ملتقى المدافعين عن حرية الإعلام العربي برعاية مركز حماية وحرية الصحفيين بعمان، الأسبوع الماضي.
حيث التقى عدد كبير من الصحفيين والإعلاميين وناقشوا أهم التطورات التي يشهدها الإعلام في الوطن العربي والتحديات التي مازالت تقف عقبة أمام حرية الرأي والتعبير، وإنه بالرغم من الثورات التي شهدها بعض البلاد العربية وأدت إلى تغيير الحكم إلا أن الشعوب مازالت تعاني من عقبات تحاول أن تَحِد من سقف حريتها.
لقد ارتفع سقف الحرية في مصر بعد الثورة، وليس لأحد الفضل في هذا إلا لمن قاموا بها، لكن إذا كانت السماء هي حدودنا لحرية الرأي والتعبير وحرية الحصول على المعلومة، فكيف يمكن التحليق لأعلى في ظل بيئة قانونية تمنع الوصول لتلك السماء؟
إن تهيئة المناخ لإعلام حر ومستقل يعتمد على وجود بيئة تشريعية وقانونية تضمن حرية الرأي والتعبير وتضمن الحفاظ على الصحفيين وتُعزز مبدأ التعددية. ومع الأسف، فإن معظم الدول العربية بشكل عام ومصر بشكل خاص تفتقر وجود قوانين تحمي الصحفيين من التعرض لهم أو منعهم بطريقة أو بأخرى من ممارسة عملهم في توعية وإعلام جمهورهم، وبالتالي تتم تغطية معظم المواضيع من وجهة نظر واحدة، لأن وجهة النظر الأخرى لا تخدم أهدافهم أو أنه يتم تجاهل بعض المواضيع وعدم تغطيتها كلياً.
ومن الصعب نمو إعلام مستقل يهدف إلى خدمة جمهور في ظل سيطرة واحتكار الحكومة ورؤوس الأموال لغالبية وسائل الإعلام. فقد أصبحنا اليوم نعاني قصورًا في المهنية والحيادية والمصداقية (ما عدا قلة قليلة مازالت تسير على درب المهنية وخدمة المشاهد)، وأصبح المتلقي ضحية إعلام غالبيته موجه. إما موجه من الحكومة، فيكون المضمون مُسَيَّسًا ومُبهَمًا، لا يذكر سوى إيجابيات وإنجازات بعيدة كل البعد عن المشاكل المحلية اليومية التي يعاني منها الشعب،
وإما إعلام موجه من أصحاب رؤوس الأموال، فيكون المضمون مُمَنهَجًا، يهتم بفرض أجندات شخصية أكثر من تغطية أحداث وتقديم معلومات، لذلك فوجود قوانين تمنع احتكار الحكومات العربية لوسائل الإعلام القومية وتمنع احتكار الكيانات الكبرى من غزو الإعلام الخاص وتحمي المنافسة، أمر حيوي لا مفر منه.
ويترتب على هذا تعزيز لمبدأ التعددية أو سماع أصوات وآراء مختلفة. فوجود قانون لحماية المنافسة يهدف إلى عدم احتكار بعض الكيانات للمؤسسات الإعلامية، مما يجبر بعض المنافسين على الخروج من السوق، لعدم قدرتهم على المنافسة، وبالتالي تقليل عدد الأصوات المختلفة، وبالتالي لن يكون أمام الجماهير إلا المؤسسة الإعلامية المحتكرة لتفرض أجندتها وآراءها.
إن مبدأ التعددية لا يأتي من خلال وجود عدد كبير من القنوات أو الصحف أو الإذاعات. فمصر من أكثر الدول العربية التي شهدت طفرة كبيرة، سواء في عدد الصحف أو المحطات الإذاعية والتليفزيونية بعد الثورة، لكن لا توجد تعددية في الآراء المطروحة، لأن معظم مُلاك الوسائل الإعلامية لديهم آراء أو سياسات متشابهة بدرجة كبيرة، وبالتالي لا يوجد طرح مختلف للقضايا، مما يساعد على ما يُسمى بـ«سوق الأفكار» لدى المشاهد، لإعطائه حرية اختيار أو انتقاء ما يؤمن به.
وبناءً على ذلك، يجب العمل على وجود قوانين وتشريعات، تكفل هذه الحقوق وتُعدّل أو تحذف المواد الفضفاضة التي تُمِكّن الحكومات من التدخل في العمل الإعلامي وما يُقَدَّمُ للجمهور.
فلا يمكن ممارسة الحرية في غياب وسائل التعبير عن الرأي، ولا يمكن أن نضع حدودًا أو شروطًا أو مواصفات للحرية غير أن تكون مسؤولة، لأن الحرية حدودها السماء.
لمزيد من النقاش حول قيود حرية الإعلام في مصر والوطن العربي، شاركوني في حوار تفاعلي يوم الثلاثاء على #Almasrydebates من الساعة 6 حتى 8 مساءً.