لا يغير من واقع الأوطان من يتحمل المسؤولية وهو يعلم مرارة الواقع وصعوبته ثم لا يمتلك رؤية لتغييره، وبدلا من أن يصنع واقعا جديدا إذا به يقوم بالتطبيع مع الموجود، ويمارس هواية التبرير والانسحاق تحت أثقال الماضى. المنسحقون لا يبنون حضارات ولا يصنعون نهضة لشعوبهم. فارق كبير بين التعامل بواقعية وبين الاستسلام لما جئنا من أجل تغييره.
ما قيمة مسؤول يقول للناس: لا أملك من أمرى شيئا وليس فى الإمكان أفضل مما كان؟!
لماذا توليت المسؤولية وأنت عاجز؟ لماذا قلت للناس إننى سأغير حياتكم للأفضل وعندى كل الحلول والقدرة والقوة وأنت مفلس؟ أليس هذا غشا وخداعا وتدليسا؟
إن الجماهير تنتظر تحقيق الوعود التى وعدت بها ولا تنتظر نكوصا وتراجعا عما سمعته من أمانٍ وواقع جديد رسمته كلماتك.
إن المسؤول الذى لا يضيف شيئا للمكان الذى يشغله هو شخص غير مسؤول ولا ينبغى أن يستمر فى مكانه بل عليه أن يعود إلى بيته ويترك الفرصة لمن يستطيع صناعة التغيير.
هناك من يخونون عهودهم وهناك من يخونون أحلام شعوبهم بالعجز والفشل.
إن تجارب التغيير والنهضة فى العالم صنعها رجال امتلكوا القدرة والجرأة على صناعة التغيير وتفكيك المنظومة المهترئة التى جاءوا بعدها.
مصر الثورة لا تحتاج إلى مزيد من العاجزين بل تحتاج إلى مقاتلين يأخذون الوطن لآفاق المستقبل ويلبون أحلام الشعب الذى يتشوق إلى مستقبل أفضل.
إدارة الدولة علم ومنهج وليست عشوائية، والنوايا الحسنة لا تدار بها الدول، ليس كل سياسى يصلح رجل دولة، ورسم السياسات العامة للدولة لا يقوم به بعض الهواة الذين ما احتلوا مواقع المسؤولية إلا بمعيار الثقة والسمع والطاعة لمن قام بتعيينهم.
الوطن لا يحتمل مزيدا من التجارب الفاشلة والعناد والاستكبار عن سماع الناصحين ومراجعة الذات مقامرة بالمستقبل، لم يمت الشهداء ولم تسل هذه الدماء الطاهرة من أجل أن يسقط الوطن فى يد مجموعة لا تقدر معنى المسؤولية وتتخيل أن الدولة مرسم للأطفال يعبثون فيه بألوانهم ويلطخون لوحته البيضاء بعشوائيتهم وغرورهم.
إذا لم تكونوا قد تعلمتم كيف تدار الدول فلا بد أن تتعلموا وأن تتواضعوا للعلم. لا تكفى الطنطنة بالحديث عن تجارب تنموية ناجحة لدول استطاعت الخروج من كبوتها دون التعرف على مضمون التجربة والاستفادة الحقيقية منها.
شرعية الإنجاز تتآكل، وأوهام السيطرة والاستمرار رغم الفشل لعدم وجود بديل، وأننا أفضل من غيرنا، لن تنجح فى تثبيت الأوضاع القائمة، لن يعود المصريون للوراء ولن يرتضوا أن يقامر أحد بمستقبلهم بسبب استكباره وغروره وعدم رغبته فى التعلم.
تواضعوا وتعلموا وأنجزوا قبل أن يحدث السقوط الذى لن يوقفه أحد، مصر حركتها الذاتية للأمام، ومن سيحاول إيقافها جهلا أو حمقا أو عنادا ستطويه صفحات التاريخ للأبد.