ايجى ميديا

الجمعة , 27 ديسمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

«تمثيل واقعى جداً»

-  

زادت حدة الكآبة. الأخبار السيئة تتوالى. لا يوجد ما يسر، ولا يوجد ما يفتح أبواب الأمل، ولا يوجد ما يشجع على بذل الجهد أو التخطيط للمستقبل. الغموض يهيمن ومعه اليأس.

فى مثل تلك الأجواء، أحاول عادة أن أنقطع عن الأحداث السوداء المحبطة المتلاحقة. ألجأ إلى إحدى القنوات المتخصصة فى عرض الأفلام المصرية القديمة. فى تلك المساحة الساحرة المستدعاة من الماضى ما يجعلنى أكثر هدوءاً واحتمالاً. أحفظ تلك المشاهد عن ظهر قلب، أعرف كل تفاصيل الفيلم، وأعرف الكلمات التى ستقال، والإيماءات التى ستصدر عن هذا الممثل وتلك الممثلة، بل أحفظ الموسيقى التصويرية.. أنغامها ترن فى أذنى.

عادة ما يضبطنى ابنى ذو الـ12 عاماً متلبساً بهذا الهروب الكبير، وعادة ما يعلق ساخراً بمقولة لا تتغير أبداً: «إيه التمثيل الواقعى دا؟».

لا يؤمن هذا الجيل بهذه الأفلام إذن. لا يعتقد أنها صالحة للعرض اليوم. يسخر من أفكارها غير المحبوكة، وتسلسلها غير المحكم، وأداء ممثليها المتكلف والزاعق، وتمويلها البخيل، وإيقاعها البطىء، ونهاياتها غير المنطقية. يسخر أيضاً من نجومها، لا يتأثر بـ«روعتهم»، ولا يطرب لـ«غنائهم»، ولا يرقص على «إيقاعاتهم».

يزعجنى صديق مثقف، أو المفترض أنه مثقف؛ إذ يقول لى دائماً: «لا أخاف على نفسى يمكننى العيش فى ظل حكم هؤلاء الظلاميين المعتوهين.. لكننى خائف على مستقبل أولادى. ما ذنبهم؟ لا يستحقون أن يعيشوا فى بلد يحكمه هؤلاء».

يزعجنى أنه يقول هذا وهو يصدق. يزعجنى أنه يخاف فعلاً على مستقبل أولاده، ويزعجنى أكثر أنه يتصور أنه المنوط به حل هذه المشكلة.

أعرف أن الأجيال الجديدة أقدر منا على التعامل مع تلك المشكلة.

تمثيلية خطف الجنود، وتمثيلية عودتهم.. «فرح بلدى»، يكذب فيه الكل على الكل بهدف واحد «جمع النقطة» على إيقاع رقص مبتذل لراقصة رخيصة يشاركها جمهور مأفون. إنه «تمثيل واقعى جداً» لن ينطلى على أبناء هذا الجيل.

الكهرباء تنقطع، والشوارع تغرق فى الظلام، وقيادى إخوانى يقول إنه اتفق مع أسرته على إطفاء السخان، والتكييف، والثلاجة لتوفير الكهرباء. إنه «تمثيل واقعى جداً» لن ينطلى على أبناء هذا الجيل.

الرئيس يشيد بالشرطة. أين الشرطة؟ مساعد وزير يتم تثبيته وسرقة سيارته فى نهر الشارع، وضابط شرطة تُسرق سيارته، فيستعيدها بعد دفع فدية، وصبية ينظمون المرور فى الطرقات، وضباط مخطوفون فى سيناء لا نعرف عنهم شيئاً بعد سنة من خطفهم. إنه «تمثيل واقعى جداً» لن ينطلى على أبناء هذا الجيل.

إنها ثورة قامت من أجل «العيش.. والحرية.. والعدالة الاجتماعية»؛ فإذا بها تُسرق من مفجريها، لتأخذنا إلى أزمة اقتصادية خانقة، يتردى فيها سعر العملة، ويتراجع الاحتياطى النقدى، وتنهار الخدمات، وتكرس الدولة علاقاتها الدولية وجهودها الخارجية للتسول، وتسن سلطة التشريع بها قانوناً يتيح استخدام الشعارات الدينية فى الانتخابات، وتشن السلطة التنفيذية حرباً على الإعلام، وتقمع الحريات، وتنتهك الحقوق المدنية، وتمارس التعذيب. إنه «تمثيل واقعى جداً» لن ينطلى على أبناء هذا الجيل.

إنها ثورة قامت من أجل «الكرامة»، وصيانة الاستقلال الوطنى، والتخلص من التبعية. إنها ثورة قامت من أجل تكريس «الفخر الوطنى» واحترام سيادة الدولة. قامت تلك الثورة ضد التوريث، لأنها أرادت مصر دولة «قوية عظيمة قادرة»، لا عزبة يورثها حسنى مبارك لنجله، لكن بعد عامين من عمر الثورة، وبعد نحو عام من حكم «الإخوان»، تستعد الدولة لسن تشريع يتغول على سيادتها وينتهكها، ويقتطع جزءاً غالياً حيوياً منها، ويجعله تحت حكم هيئة لا تخضع لأى نوع من أنواع المراقبة أو المساءلة أو المحاسبة أو المراجعة. إنه «تمثيل واقعى جداً» لن ينطلى على أبناء هذا الجيل. يقولون إنه رئيس. يتحدث مثل رئيس. ويتنقل من مكان إلى مكان مثل رئيس. ويصدر القرارات مثل رئيس. ويقابل الزعماء مثل رئيس. يحرك إصبعه السبابة بالتهديد والوعيد مثل رئيس. يخطب منتشياً فى حقول القمح مثل رئيس. لكن الجمهور يعرف الحقيقة. مستشاروه الذين فروا من السفينة قالوا الحقيقة.. قالوا إنه يتلقى الإرشاد من مكتب الإرشاد. إنه «تمثيل واقعى جداً» لن ينطلى على أبناء هذا الجيل.

يا كل من تعبت وزهقت وكدت تستسلم لليأس لا تلجأ إلى «الأفلام القديمة» ذات «التمثيل الواقعى جداً»، وانتظر فيلماً جديداً سيصنعه جيل أكثر احتراماً للعقل، وأكثر اندماجاً مع العالم، وأكثر انسجاماً مع الواقع.

التعليقات