.. وحتى وبعد أن تم الإفراج عن جنودنا الأسرى فى سيناء، يبقى السؤال: لماذا تجرأ الخاطفون الإرهابيون على خطف وطن بحجم مصر؟ لماذا تعمدوا إذلال مصر واهانتها على نحو ما ظهر فى فيديو العار الوطنى؟ لماذا أرادوا إظهارها على أنها دولة بلا نظام ولا جيش، دولة مسلوبة الإرادة ولا حول لها ولا قوة؟
ورغم إطلاق سراح الجنود، فإن النتيجة الكارثية المترتبة على ما حدث أن مصر دولة ضعيفة، لا تستطيع حماية شعبها وجندها.
دولة صارت لا تملك فرض أو إملاء إرادتها وبسط نفوذها على أرضها وحدودها، فكيف تخشانا دول الجوار؟ «دول التربص بالحدود من الشرق وبالنهر من الجنوب»، ونحن على هذه الدرجة من الضعف حتى إن جماعة إرهابية تلاعبت بنا، هذه هى الرسالة الخطيرة والنتيجة الأليمة لما حدث، ويبقى السؤال: لماذا تجرأ علينا الإرهابيون؟
الإجابة لأن هناك رئيسا لا يتوقف عن إهانة الوطن، لم يحاول مرة واحدة أن يثبت أن فى مصر حكومة وجيشا وإرادة وقدرة على المواجهة، لا أريد أن أنساق وراء أقاويل (لها إرهاصاتها ولا توجد دلائل قاطعة عليها حتى الآن) عن اتفاقات بين الإخوان وجماعات إرهابية أو على الأقل تواطؤ من الجماعة لصالح الأهل والعشيرة فى الحوادث المختلفة التى وقعت لجنودنا وضباطنا فى سيناء، ولكن المؤكد أن هناك ضباطا اختطفوا منذ شهور ولم يظهر لهم أثر حتى الآن، وهناك أيضا ١٦ جنديا مصريا قُتلوا منذ عشرة أشهر ولم يتحرك الرئيس مرسى للقصاص لهم، فهل هو العجز؟ أم الإهمال؟ أم التواطؤ؟ هل لم تتوصل الأجهزة الأمنية طوال عشرة أشهر للإرهابيين والجهة المنفذة؟ فى هذه الحالة علينا أن نعترف بعجز هذه الأجهزة وأن نستبدل بها غيرها هى وقيادتها ممن يستطيعون العمل والوصول إلى معلومات تخص أمن البلد، أم أن هذه الأجهزة توصلت إلى المجرمين ولكن الجيش لا يستطيع القيام بعملية عسكرية ضدهم؟ وهنا يجب أن يتولى قادة قادرون على تطوير الجيش بحيث يستطيع حماية الحدود والشعب، أم أن المعلومات كانت موجودة والقوات قادرة، ولكن لا يوجد قرار سياسى؟ فى هذه الحالة يجب على قادة الأجهزة الأمنية والجيش أن يبرِّئوا أنفسهم من تهمة التقصير والتقاعس والإهمال وإعلان ما لديهم من معلومات حتى يعرف الجميع مَن المتورط فى الجريمة ومَن المسؤول عنها، وإلا أصبح الجميع متهما ويستحقَّ المحاكمة، وإذا كان تم إطلاق سراح أسرانا من الجنود، فهل يتم تطهير سيناء من الإرهابيين واستعادتها من أيديهم أم يصدر أمر بوقف العمليات، كما حدث من قبل فى مذبحة رفح ومع العملية «نسر»؟ نجاح تحرير الجنود أسعدنا ولكنه ليس كافيا لاستعادة هيبتنا.
ليقل لنا أحد: لماذا لم نصل إلى قَتلَة جنودنا فى شهر رمضان الماضى حتى الآن؟ وأين ضباطنا المخطوفون منذ شهور طويلة والذين لا يتكلم أحد فى النظام عن قضيتهم وأصبحوا فى طى النسيان؟ هذا الصمت المريب هو الذى أدى إلى جريمة خطف الجنود، والتى ستتكرر مرارا ما لم نتخذ موقفا قويا وحاسما، لأن عصابات الإرهابيين إما تأكدوا أن الدولة ضعيفة ولا تستطيع مواجهتهم وإما أنه لا توجد إرادة سياسية للوقوف ضدهم إلا تحت ضغط شعبى، وربما يعرفون أن هناك من يتعمد إهانة مصر وشعبها داخليا وخارجيا، وذلك عندما قاموا بالاعتداء على القوانين والدستور والقضاء وزوَّروا الاستفتاء (حسب تقارير منظمات لحقوق الإنسان) وأَخْوَنوا الدولة، وسمحوا للأهل والعشيرة بالتحكم فى مفاصل الدولة، ورحبوا «وربما رتبوا» بالاعتداء على السجون وتهريب أعضاء حماس وحزب الله فى انتهاك صارخ لسيادة الدولة. أهانوها عندما تركوا سيناء مستباحة للجيران الذين تربطهم بها علاقة وثيقة، وعندما قالوا إن حلايب وشلاتين ليست مصرية، نعم مصر لا تهمهم لأنها مجرد ولاية فى دولة الخلافة ولعل هذا هو أكبر إهانة لمصر التى صغرت فى أعينهم إلى هذا الحد المزرى، وإذا كان هناك من يقدم بلاغات ضد الصحفيين والمفكرين بتهمة إهانة الرئيس لمجرد معارضة سياساته، فماذا نفعل فى من يهين الوطن والشعب؟ وإذا كان قانون العقوبات يخلو من نص يجرِّم هذه الأفعال، فعلى الشعب أن يعاقب مَن يهينه ويهين بلده... تمرَّدوا من أجل كرامتكم وكرامة بلدكم، تمرَّدوا تَصِحُّوا.. ويتحرر وطنكم.