سيناء تمرة أو جمرة.. فقد تكون تمرة فى حلوق المصريين.. أو جمرة تكوى حلوقهم وتحرق أفئدتهم.. وهى دوما بوابة الأمن القومى المصرى الذى أصابه الوهن.
وسيناء الآن تحولت إلى جمرة فى حلوق المصريين تؤلمهم وتحزنهم وتؤرقهم على مستقبلها ومستقبل الوطن كله.. فقد أصبحت مرتعا للمخدرات والسلاح وأعمال البلطجة على المصانع والشركات.. فضلا عن أفكار التكفير والتفجير.. وأصبحت ملعبا لكل من يريد العبث بأمن مصر.
والغريب أن فكر التكفير والتفجير انتشر بقوة بعد ثورات الربيع العربى.. رغم الاعتقاد بأنها ستسهم فى انحساره وانكماشه.. فقد قطع هذا الفكر الأرض تكفيرا من مصر واليمن إلى تونس.. مرورا بليبيا والجزائر ومالى وغيرها.
والتكفير لابد أن يعقبه تفجير.. فهذه قاعدة ثابتة.. فالتكفير يعد قتلا معنويا للمسلم ولابد أن يعقبه عاجلا أو آجلا القتل المادى بالتفجير.
وفكر التكفير والتفجير هو الخطر الأول والأخطر على مصر بل وحكم د. مرسى والإخوان.. فبعضهم يكفّرونه علنا ويكفّرون قبله الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية.. فضلا عن الأشاعرة والصوفية وقبلهم جميعا كل الليبراليين والاشتراكيين.. وهؤلاء أيضا قابلتهم فى تونس وهم يكفّرون حزب النهضة والغنوشى ويكفّرون كل الطوائف السابقة.
ألم أقل إنهم ينطبق عليهم حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «من قال هلك الناس فهو أهلكهم». فمن قال لا خير فى المسلمين ولا صلاح وإنهم سيئون فهم أسوؤهم وأفسدهم. وللحديث الشريف راويتان «أهلكُهم» بالضم «أى أسوؤهم».. و«أهلكَهم» بالفتح.. «أى كان سببا فى هلاكهم وانصرافهم عن الدين باستطالته على الناس وتكبره عليهم واستعلائه عليهم بغير حق».
وفكر التكفير كان سببا فى زوال الخلافة الراشدة؛ حيث قتل أجداد هؤلاء الخليفة العظيم «على بن أبى طالب».. بحجة أنه حكّم الرجال ولم يحكِّم الله.. غافلين عن أن الله حكّم الرجال فى أرنب قال تعالى:
«لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ»
والتكفيرى يظن نفسه بوابا على أبواب الجنة والنار يدخل منها من يشاء ويخرج من يشاء.
ومشكلتهم المستعصية أنهم يستكثرون رحمة الله بعباده ويضنون بها عليهم ناسين أن الله أدخل بغيّاً الجنة فى كلب سقته.. وأدخل امرأة النار فى قطة حبستها فلم تطعمها أو تتركها تأكل من «خشاش الأرض» أى طعامها.
إن القلوب القاسية والأعين الجامدة والعقول المتحجرة لن تدرك سعة رحمة الله بعباده ومدى عفوه عنهم وحدبه عليهم.