لا بد أن الأخ الرئيس مرسى كان يقصد دولة أخرى غير مصر، وهو يقول للأهل والعشيرة الذين اجتمع بهم لمناقشة مأساة خطف الجنود فى سيناء إن «هيبة الدولة مصونة»!!
لو أن هناك أى هيبة للدولة، لما تجرأ المجرمون على فعلتهم السافلة من الأصل (!!) ولو أن هناك هيبة للدولة، لما كان رد فعل الرئاسة إزاء الجريمة المنحطة هو المطالبة بالحفاظ على سلامة الخاطفين، ثم لا بأس بإضافة المخطوفين إلى قائمة المطلوب الحفاظ على سلامتهم.. ولو من باب رفع العتب!!
ولو أن هناك أى هيبة للدولة، لما انفتحت أبواب التفاوض مع المجرمين، ولا كانت الوساطات والوعود، ولا كانت هذه الصفعة التى رد بها الخاطفون على ضعف النظام وتخبطه بإذاعة «فيديو العار» الذى أهان كل مصرى وهو يشاهد جنود مصر أسرى لدى مَن تجرَّدوا من الوطنية ومن الإسلام ووصل بهم الانحطاط إلى أن يفخروا بجريمتهم التى لا تدل إلا على الجُبن والنذالة!!
الغريب بعد هذا كله أن يبدو الأخ الرئيس مرسى حريصًا كل الحرص على عدم إزعاج العصابات الإرهابية، وعلى تأكيد أن من ارتكبوا جريمة الاختطاف ليسوا من التنظيمات الجهادية، فى الوقت الذى يعلن الخاطفون أنهم من جماعة «التوحيد والجهاد» وتؤكد الجماعة مسؤوليتها عما حدث!!
ربما لا يريد الأخ الرئيس مرسى أن يتحمل المسؤولية بشجاعة (!!) وربما يريد أن يبعد عن الأذهان أن عهده السعيد قد شهد قرارات عفو عن إرهابيين كانوا فى السجون، وشهد السماح للآلاف من المنتمين إلى التنظيمات الإرهابية بالعودة من أفغانستان والصومال وغيرهما. وربما لا يريد الأخ الرئيس أن يذكِّرنا بأن هؤلاء وغيرهم قد أحالوا سيناء إلى مرتع للإرهاب، يتوفر لهم السلاح والتمويل والتغطية السياسية عبر أحزاب تدعو علنا للإرهاب وترفع أعلام «القاعدة» فى قلب القاهرة!!
ويتجاهل الأخ الرئيس أن جماعة «التوحيد والجهاد» التى أعلنت مسؤوليتها عن اختطاف الجنود، قد أكدت أن كل أفراد القوات المسلحة كفار، ولهذا يجب قتالهم!! وأن «السلفية الجهادية» التى تمارس نشاطها علنًا فى كل أنحاء مصر قد أعلنت تأييدها لما جاء فى بيان «التوحيد والجهاد» وإن أعلنت اختلافها فى بعض التفاصيل! وهو ما يعنى أن استهداف الجيش والشرطة سوف يستمر، وأن ما سمعناه قبل ذلك من تهديدات علنية من جماعات جهادية بالوقوف ضد الجيش والشرطة ليس كلاما فى الهواء!!
من هنا ينبغى تأكيد أن المطلوب ليس تحرير هؤلاء الجنود المختطفين فقط، بل تحرير سيناء من الإرهاب الذى يجتاحها، وتحرير مصر من الفاشية التى اختطفت الثورة وتقوم الآن باختطاف الدولة. أو ما تبقى منها!!
كنا نعرف قبل الثورة أن سيادتنا على سيناء منقوصة، وكنا نأمل أن يتم تصحيح الأوضاع بعد الثورة وأن يتم تعديل «كامب ديفيد»، فإذا بنا أمام هذا الوضع الكارثى الذى تكاد سيادتنا على سيناء فيه تضيع، وكل ما يجرى يشير إلى أن الطريق يتم تمهيده للتدخل الدولى أو لاقتطاع أجزاء من الوطن حررناها بأغلى التضحيات وبدماء آلاف الشهداء!!
كنا نعرف قبل الثورة أن التراجع قد أصاب كل شىء فى مصر، وكنا نأمل أن تستعيد مصر دورها وأن تعود لمكانتها وأن تبدأ فى بناء الدولة التى يحلم بها كل المصريين.. فإذا بنا أمام حكم يبيع كل شىء من أجل الاستحواذ، حكم يقود مصر -بكل ثبات- من كارثة إلى أخرى حتى وصلنا إلى مشارف الدولة الفاشلة التى تنهار فيها المؤسسات وتحكمها الميليشيات ويعربد فيها الإرهاب!!
قبل أيام، وفى آخر حوار لوزير الدفاع الفريق السيسى، حذَّر من السقوط نحو وضع شبيه بما يجرى فى الصومال أو أفغانستان.. وبعد أن رأينا جنودنا المختطَفين فى «فيديو العار» نشعر كم اقتربت مصر من هذا المصير!!