هل تتذكرون أفلام المغامرات القديمة عندما كان البطل يجد نفسه فجأة وسط بحر من الرمال المتحركة فى الصحراء القاحلة دون أن يدرك أن دخوله هذه المنطقة الخطيرة قد يودى بحياته؟ فتبدأ أقدامه فى الغوص فى الرمال «الشريرة»، وكلما حاول التحرك للخروج منها وجد نفسه يغوص فيها أكثر مع كل حركة بسيطة لتبدأ فى ابتلاعه تدريجيا بينما يجاهد لإبقاء رأسه خارجها، ولا يتم إنقاذه عادة إلا فى آخر لحظة عندما يظهر أحد سكان الصحراء الخبراء بدروبها ليلقى له بحبل غليظ ويشده بحنكة شديدة خارج هذا المأزق الرهيب، الذى كاد يقضى على حياته! ألا يذكركم هذا المشهد بموقف حكومتنا الرشيدة التى تتحرك عشوائيا، ومعها مصر كلها، فى بحر خطير من الرمال «الاقتصادية» المتحركة التى تكاد تبتلع وطنًا بأكمله، ومعه أقدار 90 مليون نسمة يجاهدون لإبقاء رؤوسهم فوق السطح، وتفادى غرق قوت يومهم فى بحر الظلمات؟ نعم لا شك أن المشهدين متشابهان لكن الفارق الوحيد هو أن حكومتنا الحبيبة ورئيسها الموقر ومن خلفهم يظنون أنهم قادرون على التعامل مع هذا المأزق شديد الخطورة بمفردهم ودون الاستعانة «بصديق» أو شركاء من أبناء وطنهم الذين منهم من هم أكثر خبرة فى هذا المجال، ويمكنهم أن يلقوا إلى هذه الحكومة «الغرقانة» حبل النجاة الذى يمكن أن يساعدنا جميعا، وليس هم فقط، على الخروج من هذه المحنة الطاحنة!
والحقيقة أن الكيل قد فاض بنا جميعا والمسألة أصبحت مش ناقصة مكابرة وعناد لمجرد إثبات أن طرفًا واحدًا بعينه يتمتع بجميع «العبقريات» المتاحة فى السوق، سواء اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو ثقافية أو حتى عسكرية وهلم جرا، فاحنا يا جماعة والله مصدقين وباصمين بالعشرة أنكم تحكمون هذا البلد رئاسة وتشريعا وحكومة، لكن يبدو أنكم أنتم الذين ما زلتم لا تصدقون ذلك فى قرارة أنفسكم فتحاولون فى كل دقيقة و«فيمتو ثانية» إثبات أن الأمور تمام التمام وأنكم عارفون كل حاجة، وإن البلد زى الفل لولا افتراءات الإعلام «الفاسد» الذى ينقل أخبار بلد تانية فاشلة كأنها أخبار مصر والعياذ بالله، وأن العالم بأسره ليس وراءه سوى إثبات فشل الإخوان ومصمم على عدم إعطائهم الفرصة للعمل بهدوء والنجاح فى مسعاهم العبقرى لنهضة مصر، وأن هذا هو السبب الوحيد لما يتعرضون له من الطلوع من حفرة للوقوع فى دحديرة، ولا يرجع ذلك الأداء السيئ والفشل المستمر، لا سمح الله، إلى عدم الكفاءة أو نقص الخبرة أو غياب التخصص، بل يرجع فقط للنيات السيئة من الآخرين الأشرار والعملاء والطرف «الخامس»! وإحقاقا للحق فهذه ثقافة مصرية أصيلة تقوم على إلقاء اللوم دائما على الآخرين فى حالة الإخفاق، فنحن إذا خسرنا الماتش فهى غلطة الحكم المرتشى، وإذا سقطنا فى الامتحان فهى غلطة الأستاذ المفترى الذى وضع الأسئلة، وإذا عملنا حادثة فهى غلطة عسكرى المرور الغلبان، وبالتالى إذا فشل الإخوان فى الحكم فهى غلطة الشعب المصرى اللى مش عارف يتحكم ولا يعجبه العجب ولا الصيام فى رجب!
طيب والحل يا سيداتى وسادتى؟ هو حل واحد من اثنين مافيش غيرهم، إما أن تستوردوا من بره شعبًا آخر يعجبكم تحكموه براحتكم وتصدرونا إحنا إلى دبى مثلا أو جزر الكاريبى أو تاهيتى أو حتى أمريكا الجنوبية بمناسبة أن رئيسة البرازيل باين عليها ست طيبة وممكن تساعدكم وتقبلنا عندها، خصوصا بعد زيارة الرئيس التاريخية! وإما الحل الثانى أن تتواضعوا لله وتطلبوا النصيحة والمساعدة وأمركم لله، فكما يقال ما خاب من استشار، وكما علمتنا الأمثال الشعبية «إدى العيش لخبازه ولو ياكل ثلاثة أرباعه» فتوكلوا على الله وشدوا حبل النصيحة الذى يلقيه لكم أشقاؤكم المصريون الخبراء، حتى ولو كانوا من خارج «الجماعة» فهذا لا يخرجهم من الملّة يا حضرات، وهمّ برضه فى الأول وفى الآخر مصريون ولاد حلال زيكم ولّا إيه؟