ايجى ميديا

السبت , 2 نوفمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

البعض يفضلونها بائرة!

-  

لماذا، بعد أكثر من مائتى عام من التحديث، لا تزال مصر بعيدا عن قائمة الدول المصنفة بالتقدم فى العالم؟! هذا السؤال لا يعنى لمن تختلط عليه الأمور أن مصر لم تتقدم، فبالتأكيد فاقت أحوالها الآن ما كانت عليه فى العصور المملوكية والعثمانية وغيرها، التى سبقت بألف عام، وعرفت المدارس والجامعات والمصانع والمزارع المميكنة والمسارح، وكل ما عرفته مظاهر التقدم فى دنيانا حتى وصلت إلى الثورة الرقمية المعاصرة، وفيها ٣٦ مليونا يستخدمون الإنترنت.

ولكن مصر التى كانت تماثل بلجيكا فى درجات التقدم فى عام ١٩٢٠ تزايدت الفجوة معها فيما تلا ذلك من عقود ليبرالية، ومع ذلك كانت مصر فى عام ١٩٥٠ تسير كتفا بكتف مع دول أخرى، هى اليونان والبرتغال وإسبانيا، ولكن الفجوة مع هؤلاء اتسعت خلال العقد التالى من الثورة الناصرية، فباتت الدولة فى الصفوف المؤكدة للدولة النامية، ولكن فى صحبة دول مثل كوريا الجنوبية وأمثالها.

مضت العقود الست لدولة يوليو على أى حال، فإذا بالنمور والفهود تسبقها فى آسيا وأمريكا الجنوبية وأوروبا الشرقية والوسطى، ولم يبق فى صفها إلا الدول الأفريقية وعدد آخر من الأمم التعيسة. وبشكل عام، فإن هناك أكثر من مائة دولة على الأقل فى كوكب الأرض تسبق الدولة المصرية المعاصرة.

إذا لم يكن كل ذلك يعبر عن حالة من الإخفاق التاريخى، فماذا يكون عليه حالنا؟!.. وهل يمكن أن تترك الأسئلة الصعبة دون إجابة ما دامت لدينا قدرة على التحول من المناظرة الفكرية الراقية إلى أنواع من المهاترات المحشوة بأكاذيب شخصية لا مكان لها فى الموضوع المثار؟. وهل يكفى الحماس والكلمات العاطفية عن «الأحلام» التى يتم القبض عليها كالجمرات لتجاهل الواقع، ما جرى فيه، وما هو فى السبيل إليه، تكرارا لما سبق، وكان؟!.قي٤. وهل هناك أمم أخرى غيرنا عاشت على الأحلام التى تنتهى دوما إلى كوابيس من الظلام والاستبداد والشعوذة الدينية وحتى العلمانية أيضا؟ وهل يمكن تجاهل تلك الدورات الكئيبة من التقدم خطوات إلى الأمام ثم العودة سريعا إلى الخلف؟.

فى تاريخنا علامات ظهرت فى شكل خيبات أمل مزمنة جعلت الوالى عباس الأول بعد نهضة محمد على وولده إبراهيم لا يأخذنا إلى الخلف فقط، وإنما يجرى قتله على يد جماعة من «الغلمان»، وحقق الخديو إسماعيل ما حقق، وانتهى به الأمر إلى المنفى، وسارت مصر فى طريقها إلى الاحتلال، وأثناءه تم نفى عباس حلمى الثانى والملك فاروق، ومات عبد الناصر فى فراشه بعد هزيمة مروعة، أما السادات العظيم، فجرى اغتياله، وانتهى مشهد خليفته وهو على سرير المرض أمام محكمة للقضاء وللتاريخ والرأى العام. هل كل ذلك كان محض صدفة تاريخية، أم أن فى الأمر خللا فى الأبنية الفكرية والعصبية للأمة تجعلها تنكفئ على وجهها بعد كل نهضة؟.

لقد أشرنا من قبل إلى الاستبداد والبنية السياسية التى كانت دوما عاجزة عن مواكبة التقدم المادى، فلم يكن الاستبداد أشخاصا فقط، وإنما كان أفكارا وقيما تقدس، وتشرع على أنها الحقيقة التى لا تأتى بعدها حقيقة، ولكن الاستبداد لم يكن ليحدث لولا أن هناك بنية اقتصادية واجتماعية كرسته، وجعلت الخلاص منه صعبا ومحدودا، وكلها تدور حول ظاهرة «المِلكية»- بكسر الميم- حيث دار التاريخ المصرى فى معظمه، والأرض ملك الدولة أو الحاكم أو الحكومة أو الجيش، لا فرق. تقدمت بلاد الدنيا كلها، انطلاقا من نقطة بسيطة، وهى حصول الإنسان على حريته، ومنها جاء الإبداع والمبادرة الفردية والطموح إلى المجد والغنى.

ولم تكن الحرية ممكنة دون الملكية التى تحقق الاستقلال الاقتصادى عن الحاكم والدولة، وفى بلادنا كان ذلك ممنوعا حتى جاء الوالى سعيد باشا، وأتاح الملكية للفلاحين المصريين لأول مرة، بحيث بات ينتج لنفسه، وأسرته، وللسوق، وللعالم أيضا، بعد أن كانت كل مهمته أن ينتج للفرعون، ويمد الإمبراطورية الرومانية بالقمح، والخلافات الإسلامية بالغذاء والضرائب على ما ينتجه، وعلى أرض لا يملكها، ولا يستطيع توريثها.

القصة موجودة فى كل كتب التاريخ بدرجات مختلفة من التركيز، وهى مستمرة معنا حتى الآن كواحدة من أهم أدوات الاستبداد التى تدور على الوجه التالى: يوجد لدى الدولة المصرية حوالى مليون كيلومتر مربع، ينتشر منها ٣٥٠٠ كيلومتر على السواحل البحرية والمائية. ومع هذا القدر من الوفرة فإن المصريين باتوا يعيشون على ٧٪ فقط من هذه الأرض، ولا يوجد سبب لهذا الوجود التعيس إلا أن الإدارة السياسية- جمهورية كانت أو ملكية- جعلت من أرض مصر حكرا على الدولة تعطى من تشاء، وتذل من تشاء، وتبسط يدها، وتقبضها متى شاءت. المهم فى كل الأحوال أن يكون ما يباح، ويتاح أقل من الزيادة السكانية، فتكون النتيجة هى الحاجة المستمرة للسكان للدولة المعطية للتوظيف والتشغيل وبعض من المال أو الدعم.

وفى بلادنا فقط جرى اختراع لم تعد تعرفه كل البلاد التى سبقتنا، وهو أن الأصل فى قضية الأمن القومى هو حماية القيم العليا للبلاد، وهذه القيم هى الثروة والحدود والمثاليات الخاصة بكل بلد. المسألة إذن هى أن توجد الثروة أولا، وبعد ذلك يبحث القائمون على الأمر كيفية حماية هذه الثروة بالوسائل السياسية والعسكرية والقانونية.

فى مصر يجرى تناول الموضوع بطريقة مختلفة تماما، وهى أن نمنع الثروة من الحدوث أصلا، خوفا من أن يعتدى عليها معتدٍ، أو يغتصبها مغتصب، وهكذا تركت سيناء على حالها عقدا بعد عقد، بل حتى قرنا بعد قرن، فلعلها ترهق الغزاة والمغتصبين بعيدا عن ثروة وادى النيل. وبالطريقة نفسها تركت منطقة قناة السويس، والساحل الشمالى، والوادى الجديد، ومساحات شاسعة جرى تعمير ما يماثلها فى كل بلدان العالم التى تماثلنا، حتى لا يمس عرضها أحد.

المدهش أن هذا المنهج لم يكن قادما من الحكم فقط، بل إنه كان شائعا بين المصريين حتى بات أقرب إلى الأيديولوجية والدين، فأول ما أتى إلى أذهانهم حينما تتاح أرض للاستثمار أنه لا بد أن فى الأمر فسادا من نوع ما!. فمن الممكن للمواطنين أن يسرقوا الأرض ومعها الماء والكهرباء، ويقيموا على العشوائيات، أما إذا جاءها مستثمر يقيم مدينة أو صناعة، فلا بد أن فى الأمر فسادا يجعله غنيا وهو الذى وجب عليه أن يكون فقيرا مثل كل الفقراء.

الفكرة الشائعة أيضا أن من استثمر، وأفلت باستثماره على الأغلب سوف يساهم فى سيطرة رأس المال على الحكم بينما الواجب أن يسيطر الحكم على رأس المال الذى هو الآفة الكبرى للإخفاق التاريخى، ومن يعلم فربما حمل أرضه ومصنعه إلى بلاد أخرى.

معذرة لمن لا يعرف، فنحن لا نتكلم فى التاريخ، وإنما فى الحاضر، وعندما طرحت الدولة مشروع قناة السويس، أو المشروع الخاص ببناء ٤٤ مدينة، فإن كل ما سبق حضر فورا إلى الساحة، تماما كما حدث من قبل مع هذه المشروعات عندما طرحها النظام السابق، لأن ثقافتنا السياسية والاقتصادية تفضل الأرض البائرة الجدباء على الحياة والتعمير!.

التعليقات