بعد الإفطار الرمضاني الممتع الذي أصر المهندس صلاح منصور أن يكون على حسابه، توجهنا إلى المنيا الجديدة حيث يقطن الدكتور جمال التلاوي بناء على دعوة كريمة منه، استمرت الجلسة قرابة الساعتين تقريبًا كان الشأن العام المصري وبخاصة الثقافي منه محور حديثنا، وتركز الحوار وقتها على كيفية المساعدة في بناء وضع ثقافي صحي وسط مناخ من الإقصاء والتزييف والتشويه.
لا تغادر الابتسامة وجه التلاوي، ولا يعدم وسيلة في تصحيح الأوضاع كما يرى، دون اصطدام بأحد حتى في اللحظات التي يتعين الصدام يخترق جدار الصدام المتوقع بابتسامته الهادئة، وقدرته على إدارة الأزمة بمهارة شديدة؛ فهو رجل يؤمن بأن الأهداف البشرية ليست ثوابت وأنه ما لم يدرك كله، لا يترك كله.
لما سبق أظن – وربما كان ظني إثمًا - أن التلاوي قبل منصب رئاسة هيئة الكتاب، وهو منصب كانت له قيمة ضاع أغلبها بحكم الجماعة، كما حدث ذلك عند تولية وزير ثقافة لا علاقة له بالثقافة، كل مؤهلاته أنه مثل رئيسه: طائع طيع لا يحيد عن الأمر الموكل إليه قدر أنملة.
أستاذي العزيز جمال التلاوي، حرت والله في هذا الأمر، فهل أهنئك على تولي أعلى منصب تنفيذي حقيقي في وزارة الثقافة، أو أنعى عليك قبول القتال تحت راية هؤلاء.
بعد الاحتلال البريطاني لمصر، أُسنِدَت لعلي مبارك وزارة التربية والتعليم، وقال الرجل وقتها: أنا خادم لهذا الوطن، ولا علاقة لي بمن يحكم. وما أشبه الليلة بالبارحة لكن البون شاسع، فالجماعة ترى في الهوية المصرية خطرًا رئيسًا، وفي الإبداع رأس حربة العدو، الجماعة يا سيد جمال التي تدمر كل شيء أو تحتله.
ما الذي ستفعله يا سيد جمال إن طُلب منك طباعة الأعمال الكاملة لحسن البنا، أو إن طُلِب منك إقصاء مثقف علاقته (مش ولا بد) بالجماعة؟ هل ستوافق على أن يكون لقاء رئيسك في المعرض القادم بلا مبدعين؟
أستاذي جمال التلاوي، ندرك شرف المعركة ممن يقفون في صفوفنا، لا مما هو مكتوب على راياتهم، فما من جريمة ارتكبت على هذه الأرض إلا تحت رايةٍ كلماتها براقة، فكر في الأمر أيها الشيخ، وأنت من أنت فينا الآن، وحيثما رأيت صلاحًا أو إصلاحًا فاتبع، حتى لا تقاتل تحت رايات الخيانة، وما أمر النصر ساعتها! وما أقسى الهزيمة! وياللعار في الحالتين.