كيف كانت البداية الفعلية فى بناء الدولة الإسلامية فى عهد عمر بن الخطاب؟.. سيدنا عمر نظر لتاريخ سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام؛ فسيدنا محمد نظر إلى النظرة التعليمية الإلهية، فبدأ بالعقيدة لأن الناس كانت تعبد الأصنام ثم بعد العقيدة بدأ التشريع ينزل، ثم جاء أبوبكر الصديق فكانت الدولة فيها هزة كبيرة من حروب الردة، فنظر إلى الجهاد للحفاظ على دوام الدين، وقد جاء سيدنا عمر بعد استقرار الدولة فنظر إلى بناء الحضارة الإسلامية فعمل ثلاثة أسس أسّس بها سيدنا عمر النهضة والمجتمع. هذه الأسس عمل بها حالة مجتمعية أقنع بها المجتمع، وهى السنة النبوية أى سنة النبى،
ودين النبى صلى الله عليه وسلم، والنجاة يوم القيامة بأنك تكون مسلما ويكون المولى راضيا عنك، فالحقيقة أنه أقنعهم ليس بالخديعة بل بدين النبى صلى الله عليه وسلم، أقنعهم بأن العمل وكسبك هو بابك الأعظم إلى الله.. فقال لهم: أتريدون أن تكونوا قريبين من الله ويحبكم المولى فلابد لكم من العمل والتفانى فيه بجد وإخلاص.. وإن رمز الإنسان الصالح وأخلاقه المقياس عند الله سبحانه وتعالى.. وذكر لهم أن وقود النهضة هو العلم والمعرفة؛ حيث قامت النهضة العمرية على ثلاثة أسس هى العمل ثم المنظومة الأخلاقية للمجتمع المتفق عليها ثم المعرفة والعلم، وهذه الأسس هى التى تميز بها سيدنا عمر.. وجعل الناس تركز فى العمل وأصبحوا وقود نار فى العمل والرزق وكسب العيش. سيدنا عمر فرض حالة اجتماعية بأن الذى يعمل هو العبد الصالح.. فلكى يقنع الناس بفرض هذه الحالة الدينية بدأ بنفسه فى العمل،
فكانوا يرونه يعمل منذ طلوع الفجر.. حيث كان فى الصباح يتجول فى الأسواق ليطمئن على أنه لا يوجد احتكار فى السلع، وضرب مثلا بأن أحد الأشخاص يأتى إلى الجلاب ومعه ذهب كاف، فيشترى به كل اللحوم ويتحكم، فقال سيدنا عمر: لا، ونعم عينى، لا يوجد فى عمرى مثل هذا الكلام، إن الله يأتينا بالرزق ثم تستعجلونه بذهبكم، وبعد أن يمشى الجلاب تبيعونه للمسلمين كما تريدون، والله لا يعجب به أمير المؤمنين.. والشىء الآخر كان يدخل الأسواق كى يطمئن بأن الأسعار متساوية ولا يوجد تفاوت فى الأسعار، فكان هناك بائع زيت يبيع بسعر أعلى، فقال له سيدنا عمر: إما أن تبيع بأسعار ترضى الناس وإما أن تبيع فى سوق أخرى، ففرض على البائع ألا يغلى فى الأسعار، وفى الظهر يضع الخطط للدواوين، وفى الليل قرر أن يبادر ويعمل ضابطا فى الليل فأخذ معه عبدالرحمن بن عوف، وقال له «سنحمى المسلمين».