لا أعرف حجم الحفاوة الشعبية، التى صادفها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، خلال زيارته، التى جرت هذا الأسبوع إلى سلطنة عمان، ولكن ما أعرفه، أن الحفاوة الرسمية به كانت على أعلى مستوى، ولم يكن هناك دليل على ذلك إلا أن السلطان قابوس قد استقبله شخصياً، وأظهر من الحرارة فى استقباله ما يشير إلى درجة رفيعة من الترحيب بالإمام الأكبر فى السلطنة.
ولابد أن ما يلقاه الدكتور الطيب من اهتمام، أينما حل هذه الأيام، فى الدول العربية بوجه عام، وفى دول الخليج بشكل خاص، ينطق بمدى حرص هذه الدول، فى مستوياتها الرسمية والشعبية، على أن يظل للأزهر ولشيخه مكانتهما التى تليق بهما فى حاضرنا، خصوصاً إذا كان هذا الحاضر هو أحوج ما يكون إلى دور الأزهر الذى راح يمارسه على مدى تاريخه الممتد بنشر سماحة ديننا، ومقاصده العليا فى أرجاء الأرض.
ومن قبل كان الرجل قد زار السعودية، بدعوة من الملك عبدالله، وكان قد زار بعدها البحرين، فاستقبله الملك نفسه، وعاد من البلدين بعد أن رأى بعينيه ورأينا معه كيف أن العرب إجمالاً يجدون فى استقباله وفى الاستماع إليه وفى الإنصات له شيئاً من مصر الحقيقية التى عرفوها مراراً، على مدى عقود وقرون من الزمان، ثم يتلفتون حولهم، اليوم، فلا يكادون يجدون منها شيئاً، ويشعرون بأن مصر التى يعرفونها، ليست هى أبداً التى يرونها عند مطلع كل صباح! وقد كان من حسن حظى أن أستمع إلى كلمة ألقاها الإمام «الطيب» فى افتتاح منتدى الإعلام العربى الثانى عشر، بمدينة دبى، صباح أمس الأول، لأرى بنفسى كيف أن القاعة التى امتلأت عن آخرها بالآلاف من الحضور، لم تتوقف عن التصفيق الحار لدقائق، بمجرد نطق اسم الإمام الأكبر، ضمن قائمة ضيوف المنتدى الكبار!
كانت هناك إلى جواره شخصيات مصرية وعربية كبيرة حاضرة، ولكن اسمه وحده قد حظى بعاصفة من التصفيق، لم تتكرر مع غيره، ولم يكن ذلك بالطبع صدفة، ولا جاء تلقائياً، أو عفو الخاطر، وإنما كان له فى ظنى سببان أساسيان، أولهما المكانة التى يحتلها الأزهر ككيان فى وجدان كل عربى، وهى مكانة لا يبدو أن هناك ما ينافسها فى علوها، وعظمة شأنها.. وأما السبب الثانى، فهو إحساس العرب، كما يحس المصريون، بأن الأزهر، كمؤسسة، يتعرض فى أيامنا هذه لحالة من التربص من جماعة الإخوان، ليست خافية على أحد! يعرف الدكتور الطيب ذلك جيداً، ويدركه تماماً، ويدافع عن أزهره، وأزهرنا، بكل قواه، ويسانده فى خطواته، كل عربى غيور على دينه وعلى وطنه، لا لشىء إلا لأن الغالبية بيننا على يقين كامل بأن ما يصده الشيخ عن الأزهر، إنما هو صد عن روح مصر، التى هى روح العرب فى كل الأوقات.