للمستعجلين جدًّا وللذين يُحبطون سريعًا وللمرهقين من سباق المسافات الطويلة وللذين يعتقدون أن القصة تتلخص فقط فى شخص محمد مرسى أو الذين يظنون أن الموضوع كله هو الأمريكان داعمو الإخوان أو المجلس العسكرى الذى سلم الإخوان مصر «تسليم أهالى» ورجع يقول لك أصلها إرادة الشعب (إنها إرادة مقتحمى سجن وادى النطرون ومزوِّرى المطابع الأميرية يافندم)...
أريد أن أكرر عليكم أقوالى لأؤكد بيانى لخريطة هذه المواجهة ومقياس الرسم الذى تتطلبه قراءة هذه الخريطة.
هذه مواجهة ليست فى السياسة..
ولكن فى الأخلاق.
هذه مرحلة قد تطول وقد تَقصُر، لمواجهة بين المتدينين حقًّا والمتاجرين بالدين.
ثم هو صراع بين الصادقين والكاذبين.
بين صناع الثورة ولصوص الثورة.
صراع بين البهجة والغم.
بين شعب خِفَّة الظل وجماعات ثقل الدم.
بين شعب حين يثور وحين يعارض وحين يموت يطلق بسمة النُّكتة وبين جماعات وفرادَى يعتنقون السماجة.
هذه منازلة بين إيثار مناضلين وانتهازية مكفّراتية.
هذا صراع بين مَن ينزل الميدان حرًّا ولو كان وحده ومَن يأتى الميدان مأمورًا محشودًا مدفوعًا راكبًا وهو مركوب.
هذه مواجهة بين السخرية المصرية اللاذعة الذائعة الرائقة الراقية الرائعة وبين البذاءة الكارهة العاجزة الكريهة.
هذا ميدان الظرف واللطف واللطافة فى مواجهة الفظاظة العِنِّينة العقيمة المنفِّرة الطاردة.
هذا ميدان الشيخ محمد عبده والشيخ سيد درويش فى مواجهة شيوخ التنطع والغلوّ والتطرف.
تلك لحظة تديُّن المصريين فى حلقات الذِّكر والموالد والأناشيد والتواشيح والمديح وبين تديُّن الزىّ الموحد وبداوة الصحراء وغِلظة الأعراب الذين قيل لهم قولوا أسلمنا ولا تقولوا آمَنَّا.
ثم إنها مواجهة المصرى المسلم اللى بيقول للقسيس يا أبونا وبين اللى بيحرّم تهنئة المسيحيين.
الصراع بين تدين المصريين وتدين البدو والأعراب والوهابيين.
وبين ثورة مصر سعد زغلول ومصطفى النحاس ومكرم عبيد وجمال عبد الناصر وبين ثورة الخمينى وجهمان العتيبى.
مصر تتصدى، تواجه، تقاوم، تنازِل، تبارز، بالهتاف والغناء وبالبهجة، وتعارض هؤلاء ثقلاء الظل الأغلاظ الأفظاظ الذين يرفعون أصواتهم فوق صوت النبىّ.
نواجههم ونحن نردد: موسى نبى، عيسى نبى، ومحمد نبى، وكل من له نبى يصلِّى عليه.
صلوا بينا على النبى وتأكدوا أن مصر محروسة ومنصورة.