سلمى حمدين صباحى ابنة زعيم التيار الشعبي المصري، تجتاز محنة صعبة، فقد قررت النيابة احتجازها لمدة يوم فى التحقيقات الجارية معها فى تهمة التورط فى شركة نصب على الانترنت.
سلمى مقدمة برامج شابة تدفع ثمن أن والدها رجل سياسة معارض للنظام، بدأت دفع الثمن حين قرر صاحب قناة صدى البلد محمد أبو العينين تقديمها قربانا لعلاقته الجديدة مع الإخوان، بعد أن كان ركنا من أركان النظام السابق، فأوقف برنامجها الذى كانت تقدمه واستغنى عنها.
محنة سلمى الثانية هى قضية توظيف أموال فى شركة انترنت، وسلمى مثل ألاف المصريين الذين يفنقدون الخبرة والثقافة، أغراهم فكرة الربح السريع عبر شركات الانترنت، التى كانت تطلب من عملائها وضع 1200 دولار، والحصول على أرباح شهرية، تضمن استعادة ما دفعته، وكلما أقنعت أخرين بالاشتراك فى المشروع كلما زادت أرباحك.
فى شركة النصب على الانترنت ألاف الضحايا مثل سلمى، منهم ضباط شرطة، وإعلاميون وفنانون، وحتى رجال قانون يعملون بالقضاء والنيابة، كلهم وقعوا فى حبائل الشركة وأغراهم المكسب السريع فوضعوا أموالهم وانبروا فى البحث عن شركاء جدد حتى تزيد أرباحهم.
كل هؤلاء يمكن محاكمتهم بتهمة الغباء، فعملية النصب واضحة منذ البداية، ويمكن أن نتهمهم بمحاولة الكسب السريع دون أن يفكروا هل هناك أى استثمار فى الدنيا يمنح أرباحا سريعة وكبيرة بهذا الشكل، لكن سلمى وألاف غيرها لا يختلفون عن ملايين المصريين الذين فعلوا نفس الشيئ ووضعوا أموالهم فى شركات توظيف الأموال فى التسعينات، ثم تبخرت أموالهم.
مشكلة سلمى الكبرى انها ابنة حمدين صباحى، ذلك الصحفى والسياسي المعارض، ولا توجد وسيلة أفضل من اغتياله معنويا والتأثير على شعبيته فى الشارع، أفضل من اتهام ابنته بالنصب، والتحقيق معها أربع ساعات فى النيابة ثم حجزها لحين ورورد تحريات الشرطة، رغم أن هذه القضية متداولة أمام النيابة منذ أكثر من أسبوع، وتم تجديد حبس عدد من المتهمين فيها، لكن ولما لا يتم استغلال هذه الفرصة للانتقام من حمدين صباحى واغتياله والتأثير عليه.
لا يوجد جديد فى مصر، قديما كانت الشرطة تلفق قضايا للمعارضين، والآن تغير الوضع وأصبح الأبناء هدفا سهلا أمام أجهزة الدولة الإخوانية للنيل منهم.. ويا ليت الأمر توقف عند ذلك، لكن المصيبة الكبري هى أن يصبح خبر احتجاز سلمى صباحى والتحقيق معها أحد الأخبار الرئيسية فى راديو مصر الحكومى.. رغم أن سلمى ليست شخصية عامة، ولم يصدر قرار بحبسها ولم تتم إحالتها للمحاكمة.
ما حدث فى راديو مصر هو دليل دامغ على أن أجهزة الدولة تتخذ من قضية سلمى وسيلة لاغتيال والدها، ما يجعلنا نتشكك فى تحقيقات النيابة، وهى قابلة للشك، فقد رأينا حبس الناشط أحمد دومة وإحالته للمحاكمة لأنه قال أن الرئيس مرسي فقد شرعيته، واتهمه بالتورط فى قتل المتظاهرين.. بينما نفس النيابة تخلى سبيل من ضرب واعتدى على ناشطة وصحفيين أمام مقر الإخوان فى المقطم بكفالة.. وهى نفس النيابة التى أحيل إليها أحمد عرفة عضو (حازمون) بعد أن عثر فى منزله على بندقية ألية وقررت النيابة الإفراج عنه بكفالة.. وهناك العشرات من القضايا المماثلة التى تثبت الكيل بمكيالين.
لقد دخلنا مرحلة فى منتهى الوساخة، بضرب المعارضين تحت الحزام، والتشهير بأسرهم.. لكن ذلك لن يستمر للأبد.. وقريبا جدا سيدفع من يفعلون ذلك ثمن جرائمهم.. وإن غدا لناظره قريب.