يقبع الناشط السياسى والشاعر الشاب أحمد دومة، عضو اتحاد كتاب مصر، فى السجن بتهمة «إهانة رئيس الجمهورية»، وأمس الأول نظرت القضية وحجزت للحكم يوم 3 يونيو المقبل، مما يعنى أن دومة سيظل وراء القضبان حتى ذلك التاريخ بتهمة تخطاها الزمان فى جميع دول العالم لكونها من بقايا الأنظمة الديكتاتورية.
إن تهمة «إهانة رئيس الجمهورية» هى المساوية فى زماننا الجمهورى لتهمة «العيب فى الذات الملكية»، التى كانت سائدة فى العهود الملكية الغابرة، لكن الملك آنذاك كان يملك ولا يحكم، فقد كانت هناك أحزاب تخوض الانتخابات وتحصل على ثقة الجماهير فتشكل الحكومة، أما فى النظام الجمهورى فإن رئيس الجمهورية هو رأس السلطة التنفيذية، بما يعنى أنه مسؤول يخضع للنقد والمعارضة والهجوم أيضاً، واستخدام تلك التهمة المطاطة «إهانة الرئيس» يسمح للسلطة بأن تقيد أى معارضة للرئيس أو لسياساته باعتبارها إهانة لشخصه، إن هناك قانوناً جنائياً يحاسب على القذف والسب، وهو ينطبق على رئيس الجمهورية كما ينطبق على المواطنين، لكن أن يكون هناك قانون خاص برئيس الجمهورية يحصنه ويحصن سياساته ضد النقد، ويعاقب من يهاجم، فتلك سمة من سمات الحكم الشمولى التى لم نكن نتوقع أن توجد فى مصر بعد الثورة.
لقد أجرى معى مراسل إحدى الصحف الإيطالية حديثاً حول الأوضاع الحالية فى مصر، بعد مرور أكثر من سنتين على قيام الثورة، وأبدى الرجل دهشته من وجود مثل هذه التهمة فى القانون المصرى بعد الثورة، ورغم أنها من بين الاتهامات المتوارثة من النظام القديم فإن تفعيلها، ووجود مواطنين خلف القضبان تطبيقاً لأحكامها، يثير الكثير من التساؤلات. ثم قال: لو كان عندنا مثل هذا القانون فى إيطاليا وقت حكم برلسكونى لكان الإيطاليون جميعاً فى السجون!
قلت للمراسل إن النظام الحالى يحكم بنفس ترسانة القوانين سيئة السمعة التى أحكم بها النظام السابق الخناق على البلاد، وهو يحكم بل يتحكم بنفس المؤسسات القمعية التى كانت للنظام البائد، فهو على سبيل المثال الذى يسيطر على الصحافة والإعلام المسمى «القومى» فيحوله إلى حزبى، وهو الذى لايزال يعين المحافظين كما كان يفعل النظام السابق.
ولم يكن المراسل يعرف أن من بين ما وعد به مرسى أثناء حملته الانتخابية إنهاء إشراف الدولة على الصحافة، وإلغاء منصب وزير الإعلام، وجعل المحافظين بالانتخاب، فقال: إن الرجوع عن هذه الوعود الانتخابية يكفى وحده لمهاجمة الرئيس!