ليس المقصود من كلماتى اليوم الدفاع عن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ذلك أن قدره عند جموع المصريين مسيحيين ومسلمين فى أعلى منزلة وأرفع موقع، والمتتبع لتوجهات الشارع المصرى يمكنه بسهولة أن يلمح ذلك، خاصة بعد الحوادث المتكررة الخاصة بتسمم طلاب المدينة الجامعية بجامعة الأزهر، التى ارتبطت بملابسات تثير الشك والريبة، وكأنها تستهدفه هو شخصيا، وتستهدف منصبه الجليل غير القابل للعزل أو الإقالة، شيخ الأزهر لا ندافع نحن عنه، بل يرد عنه نقاؤه وهيبته واستقامته وصدقه، وتواضعه وتجرده وعلمه وشخصيته الآسرة.
لذا ومن هنا كان ألمى واعتراضى على ما جاء فى مقال الكاتب الكبير الأستاذ فهمى هويدى يوم السبت الماضى بجريدة الشروق، وهو بعنوان (رحلات شيخ الأزهر للخليج) أحترم الأستاذ فهمى ككاتب مرموق، وإن كنت لا أتفق مع كثير من أفكاره، ومنها ما جاء فى مقاله هذا، الذى ينتقد فيه الزيارات الخليجية لشيخ الأزهر، التى يراها تبعث على الحيرة والقلق، وبها رائحة سياسة، وأنه يُدعى لمناسبات لا علاقة لها بالدور الدعوى للأزهر، وتتجه إلى بلـد ـ يقصد الإمارات ـ على غير صفاء، أو وئام مع الدولة المصرية، مما يفتح الباب لاحتمالات عدم البراءة، ومن ثم الشك فى أهدافها.
المقال طويل وينتقد الكثير، ينتقد استقبال شيخ الأزهر شخصيات سياسية يقول إنها تحاول استدراجه، كى يصبح طرفا فى التجاذب السياسى، مدعين أنه يتعرض لمؤامرة من الإخوان، ويذكر أن علاقة شيخ الأزهر بالإخوان ليست بالعلاقة الإيجابية منذ تعامله كما يقول بشدة لم يكن الموقف يقتضيها فيما يتعلق بموضوع ميليشيات الأزهر، ويشير إلى أن هذه الشدة وقتها قد ترجع إلى ضغط أمنى عليه، أو تأثرا بخلفيته الصوفية، وامتد نقد الأستاذ فهمى هويدى إلى ما سماه الهجوم والإحراج، الذى تعرض له الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد أثناء زيارته الأزهر، وينهى مقاله بقوله: إن الدعوات الخليجية المتلاحقة لشيخ الأزهر قد تكون محاولة من الخارج لتوظيف الأزهر للقيام بدور فى الداخل.
أعود لأقول: آلمنى المقال، وما جاء به من انتقادات عديدة قديمة وحديثة، حتى الانتماء الصوفى وجد فيه الكاتب مدعاة للهجوم وتأثيرًا فى القرارات، ولا شك أن نفس هذا المقال سيؤلم كل مصرى وطنى غيور يطّلع عليه، وعلى ما به من اتهامات، وإشارات، وتلميحات جاءت وكأنها سهام موجهة إلى صدورنا جميعا.