الجهل المغرور الذى تتمتع به جماعة الإخوان لا يسمح لها برؤية حقيقة ما تواجه.
دَعْكَ من الداخل، فخيرت الشاطر والطبيب البيطرى مرشد الجماعة ومجموعة الكهف الإخوانى فى المقطم تتصور أن بطلعت عبد الله ومحمد إبراهيم وحازم أبو إسماعيل سيقطعون دابر المعارضين، أما الانتخابات فقد حسموا أمرهم بتزويرها، ومن ثم التمكين سيتمكن! (بعيد عن عينهم).
ودعك من الاقتصاد، فإن مكتب الإرشاد الذى يعانى من خَرَف الشيخوخة يعتقد أن مزيدا من القروض ليس خطرا ما داموا سيبيعون مصر كلها «جملة وقطّاعى» وهو ما يسدد قيمة الديون المريعة حتى لو عجزوا عن سدادها فساعتها يحلّها حلّال، ودَعْكَ من ارتفاع الأسعار وانهيار الأحوال، فالإخوان يعتقدون أن الشعب سوف يتحمل ويجد لنفسه مخارج للتحايل على الرزق وسيتلهى المصريون فى لقمة عيشهم (يبقى الإخوان يقابلونى لما لتر البنزين يبقى بعشرة جنيه ويوّرونا ح يعملوا إيه مع الناس!).
لكن صورة الإخوان عند كفيلهم فى البيت الأبيض هى الأهم، ولأنهم يدفعون ثمن هذه الصورة غاليًا من تنازلات مفرطة لم يفعلها مبارك شخصيا فإنهم ينسون أن البيت الأبيض مهما كانت درجة رضاه عنهم فهو بيت ندل يمكن أن يبيعهم فى أى لحظة، فهو لزوم المكياج يتأثر بتقارير الساسة والصحافة والمنظمات الدولية والأمريكية المراقبة لحقوق الإنسان، صحيح أن السيدة تل أبيب أهم عند الأمريكان، ورضا نتنياهو على مرسى من رضا الرب إلا أن ما يقدمه الإخوان إلى الأمريكان يمكن أن يقدمه غيرهم بطريقة لا تحرج واشنطن وتل أبيب ولا تجعل المفوضية السامية لحقوق الإنسان فى الأمم المتحدة تصدر الأربعاء الماضى بيانا شديد اللهجة ضد مرسى وحكومته وإخوانه تقول فيه:
«إننا نمر بلحظة حاسمة، مع تزايد المخاوف بشأن مجموعة من القضايا، بما فيها الدستور الجديد، والطريقة التى اعتُمد بها، بالإضافة إلى المحاولات الظاهرة للحد من سلطة القضاء، ومشروع هذا القانون الذى يخاطر بوضع المجتمع المدنى تحت سيطرة الوزارات الأمنية التى تملك تاريخا من انتهاكات حقوق الإنسان، والتى من مصلحتها التقليل من السيطرة».
وأشارت المفوضية السامية إلى أن الدستور الجديد يخاطر بإعطاء السلطة التنفيذية سطوة مفرطة على السلطة القضائية من خلال التعيين المباشر لقضاة المحكمة الدستورية العليا من قِبل رئيس الجمهورية. وقالت المفوضية السامية «إن هذا التركيز فى السلطة يقوِّض استقلالية القضاء».
وقالت «إن المفوضية تتابع التطورات الأخيرة عن كثب، بما فى ذلك الإجراءات القانونية التى تستهدف المتظاهرين والصحفيين والنشطاء الآخرين»، وأضافت المفوضية السامية «إنه وفى نفس الوقت الذى تتم فيه هذه الإجراءات، فإن المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان -ومن ضمنهم أعضاء من القوى الأمنية- مثل القتل والتعذيب والاغتصاب وغير ذلك من أشكال الاعتداءات الجنسية على المتظاهرين وسوء معاملة المعتقلين، لم يتم التحقيق معهم فى حالات كثيرة من قِبل النيابة العامة على النحو اللائق، ناهيك بعدم تقديمهم إلى العدالة». وتصل المفوضية إلى الحد الذى تصف فيه وضع منظمات المجتمع المدنى فى عصر مرسى بأنه أسوأ مما كانت عليه فى الفترة التى سبقت سقوط حكومة مبارك.
أمريكا لا تريد أن يفضحها حكم مرسى إلى هذا الحد.
ورغم ذلك فسياسة الرجل ما زالت تفضح!