الفريق أول عبدالفتاح السيسى رجل وطنى ومحترم إلى أبعد الحدود، التقيته أحد أيام شهر إبريل 2011 عندما كان عضوا بالمجلس العسكرى، ومديراً للمخابرات الحربية، وذلك بدعوة من المجلس شملتنى وثلاثة أصدقاء هم الأستاذ محمد عبدالقدوس والأستاذ عبدالله السناوى والإعلامى شريف عامر، وذلك بأحد نوادى الجيش بالقاهرة، فى لقاء حضره اللواء العصار، واللواء محمود حجازى. يومها دار حوار بيننا لثلاث ساعات، شهد خلالها مشاغبات كثيرة من قبلنا، وقلت للرجل صراحة: لماذا تدافعون عن مبارك وتتركونه فى شرم الشيخ حتى الآن؟. فكان رده منفعلا ودون تردد: لن ندافع عمن خان وطنه وشعبه.
هذا الرجل يبدو الآن وهو فى موقع مختلف أكثر جرأة وعنادا وتصميما على تمرير المرحلة التى تمر بها مصر بسلام. لكن ما يثير القلق هو أن تصريحاته بدأت تأخذ الطابع اليومى، ورجال الجيش كما عهدناهم، هم كرجال القضاء القدماء، قليلو الكلام، كثيرو الفعل. من هنا فإن الرجل بدا فى حاجة إلى الصبر بعض الشىء على الأوضاع التى تمر بها البلاد، والتى يحزن عليها كل غيور على مصلحة وطنه، وهو ما يبدو ضريبة الموقع أو المنصب.
تصريحات السيسى فى الأيام الأخيرة تضمنت 4 أمور: الأول تصريحات الدفاع عن المؤسسة العسكرية عندما كانت فى قلب السلطة مع أحداث الثورة، وهى تصريحات تنم عن الرغبة فى تضميد الجراح التى خلفها هذا الوجود.
والثانى تصريحات تخص العمل الفنى للقوات المسلحة فى الدفاع عن الثغور وأداء المهام القتالية، وهى التصريحات الأقل رغم أن الأفعال عبر التدريبات تشير لها بوضوح، خاصة مع شعور الرجل بالقلق على الجيش فى خضم ما حدث للجيوش العربية المركزية كجيش العراق منذ عقدين ونيف، وجيش سوريا فى الوقت الراهن. والثالث ينذر بشكل مهذب ولبق كل من يطال الجيش بكلام مرسل، والغمز واضح هنا على مناضل أسد ابن الفرات وغيرهم، والذين لا يتورعون أن يلمحوا فى كل مرة أنهم مغطون بمظلة رئاسية محصنة لهم من أى تعقب.
أما النوع الرابع من التصريحات فتطال القوى المدنية الداعية لعودة الجيش وعمل توكيلات له، وهى تصريحات طمأنت تلك القوى بحديثه عن حيادية الجيش وعدم الرغبة فى الانغماس فى المعترك السياسى، وإن كانت أعينه لن تغفل عما يحدث بين كل القوى السياسية.
ختاماً نشير إلى أن كل ما سبق مهم للغاية. وصلت الرسالة، وهذا يكفى ويزيد.