وكأنها عدوى انتشرت بضراوة فى الوسط الفنى، حيث أصبح من النادر أن تجد نجما لا يشارك فى تقديم برنامج أو أكثر.. صارت هذه المهنة هى حلم كل النجوم ومن مختلف الأجيال، هذا هو محور الندوة التى يقيمها منتدى الإعلام العربى بعد غد فى دبى تحت عنوان «أهل الفن فى حلبة المنافسة مع أهل الإعلام» ويشارك فيها لطيفة وأنغام وهشام سليم والمطربة الإماراتية أحلام وعلى الجابر مدير عام قنوات «إم بى سى» وكاتب هذه السطور وتديرها وفاء الكيلانى.
هل اكتشف نجومنا فجأة أنهم مهيؤون لكى يصبحوا مذيعين وأن هذه هى رغبتهم الأولى، ولكن مكتب التنسيق بسبب ضعف المجموع أحالهم إلى قسم التمثيل، والآن بعد أن حسنوا درجاتهم قرروا تحقيق رغبتهم الأولى؟!
نجوم ناجحون أمثال حسين فهمى، نور الشريف، غادة عادل، رامز جلال، مصطفى فهمى، يسرا، لطيفة، أصالة، راغب علامة، وائل كافورى وغيرهم. لماذا يصرون فجأة على أن يمارسوا مهنة مقدمى البرامج؟
سوف تستمع إلى إجابات متعددة ما عدا واحدة فقط، وهى الحقيقية، لن يقولوا أبدا إنه الإغراء المادى.. تدفع الفضائيات الكثير لهؤلاء النجوم لجذبهم بالعمل كمذيعين.. هذا هو السبب الأول غير المعلن، أما الثانى غير المعلن أيضا فهو أن فشل الفنان فى العمل كمذيع لن يؤثر بالسلب على موقعه الفنى، فهو لا يلعب بطولة عمل درامى ولكنه مجرد مذيع سوف يتبدد البرنامج فى الهواء بعد عرضه على الهواء. التأثير السلبى الوحيد هو أنهم لن يستعينوا به مرة أخرى، إلا أن شعار أغلب النجوم هو «خد الفلوس واجرى» و«اللى يتجوز أمى أقوله يا عمى»!!
لم تكن هذه هى المرة الأولى التى نرى فيها نجما يؤدى وظيفة المذيع، بل إنه فى بداية عهد التليفزيون المصرى، أى أننا نتحدث عن أكثر من 50 عاما مضت فعلها كمال الشناوى وقدم برنامجا عن الفن التشكيلى، ذلك لأنه فى الأصل فنان يمسك بالفرشاة، وله أكثر من لوحة وكان يستعد قبل رحيله بأشهر قليلة لافتتاح أول معرض له.
خَفَت وجود النجوم كمذيعين على الشاشة الصغيرة بضع سنوات حتى جاءت الثمانينيات لنرى أسماء مثل حسن مصطفى والمنتصر بالله، ثم حدث توقف بضع سنوات، بعد ذلك شاهدنا نور الشريف، حسين فهمى، فاروق الفيشاوى ثم وجد جيل آخر، ولم يعد الأمر مقصورا فقط على نجوم التمثيل والغناء. نجمتا الإخراج إيناس الدغيدى وساندرا نشأت قدمتا أيضا برامج.
فى السنوات الأخيرة رأينا الوسط الغنائى يشارك، وكل برنامج يسعى إلى الحصول على الفريق الأقوى «عرب أيدول» المكون من راغب علامة ونانسى وأحلام وحسن الشافعى يواجه «إكس فاكتور» وائل كافورى وإليسا وحسين الجسمى وكارول سماحة، وكأننا بصدد معركة بين «الأسد المرعب» و«النمر الشرس».
المطرب عضو اللجنة يلعب دورى المحكم والمذيع. وهج النجم لا يكفى لكى ينجح فى هذا المجال، لأن هذا البريق يتبدد بعد لحظات ويتبقى فقط قدرته أو عدم قدرته على أداء واجباته. هل ينسى النجم فى لحظة أمام الكاميرا أنه فقط مذيع؟ هل يكتفى بالإنصات لمحدثه؟ ألا يفكر أنه ربما يسرق منه الكاميرا خصوصا لو كان يجرى حوارا مع أحد النجوم المنافسين، النجم المذيع أمام الكاميرا لا يستطيع أن يخلع فى لحظة بدلة النجم ليرتدى قميص المذيع؟ نعم شهرة النجوم تلعب دورا فى الاستعانة بهم فى ظل هذا اللهاث الإعلانى، لأن جاذبية الاسم تضمن بالتأكيد تحقيق كثافة إعلانية، إلا أن المذيع الناجح وصفة أخرى، تركيبة مغايرة وخاصة جدا لا تستطيع أن تقول مثلا إنها الشهرة ولا هو الذكاء ولا الحضور. لم ينجح من النجوم فى احتلال مقعد المذيع إلا عدد قليل جدا مثل عمار الشريعى، حيث إن الموسيقار الراحل كان يقدم «خمسة شريعى» برنامجا يشبه «عمار» ولا يمكن أن يقدمه أحد سوى عمار، لأنه يعتمد على ثقافته وذكرياته فى الوسط الغنائى وإجادته للعزف على العود والأورج، ومع الراحل عمار هناك استثناءات قليلة أخرى، إلا أنه حتى من نجح من النجوم للعمل كمذيع لم يحققوا هذا الحضور لدى مشاهدى الشاشة الصغيرة بجاذبيتهم، ولكن بقوة الإعلام على فرض حالة الشغف لدى الجمهور. وهذا هو ما خلق منافسة حادة من الممكن أن تلحظها فى معركة «عرب أيدول» و«إكس فاكتور» أقصد «الأسد المرعب» و«النمر الشرس»!