هاجم الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء، مطالبة المعارضة بإقالة حكومته كشرط مسبق للمشاركة فى الانتخابات البرلمانية القادمة، وقال قنديل إن الحكومة بشكل عام لن تؤثّر فى الانتخابات البرلمانية المقبلة ولا ترغب إلا فى إجراء انتخابات برلمانية نزيهة، مشيرًا إلى أن الدستور يكفل نزاهة الانتخابات، وأضاف قنديل «ليس هناك داعٍ أن يتم وضع الحكومة كحجة لعدم المشاركة فى الانتخابات البرلمانية.. مشيرًا إلى الجهود التى تمت فى الاستفتاء على الدستور.. وقال «لم يتقدَّم أحد بأى شكاوى حول أى تزوير فى الاستفتاء على الدستور». الشق الأول من كلام قنديل يمكن السجال معه، فالرجل يطالب أحزاب المعارضة بعدم اتخاذ حكومته ذريعة لمقاطعة الانتخابات، وأن حكومته سوف تكون محايدة فى الانتخالات القادمة. طبعًا حكومته ليست محايدة، وهى تتلقّى تعليماتها من مكتب الإرشاد، وقنديل يؤدّى دورًا مطلوبًا منه وهو يؤمن به، المساعدة فى عملية تمكين الجماعة من مفاصل الدولة المصرية، يستغل كونه كان خلية إخوانية نائمة فى مؤسسات الدولة المصرية فى نفى أى صلة تنظيمية بالجماعة. يمكن السجال حول حياد حكومة قنديل فى الانتخابات البرلمانية القادمة، يمكن السجال حول هل يمكن إجراء انتخابات برلمانية نزيهة فى ظل حكومة يرأسها قنديل ويتولى مسؤولية الأمن فيها وزير الداخلية الحالى اللواء محمد إبراهيم، الذى يعمل فى خدمة مرسى وجماعته ولا يعمل وزير داخلية لمصر، لا يعمل هو وأجهزته الأمنية فى خدمة البلد أو حتى نظام الحكم، ولكنه يخدم مرسى وجماعته وتمتد الخدمة إلى الأهل والعشيرة؟ هل يمكن الثقة فى حياد أجهزة أمنية خلعت رداء الولاء الشخصى لمبارك وارتدت بدلًا منه رداء مرسى سريعًا وبدأت فى تنفيذ تعلميات الجماعة وتوجيهات مكتب الإرشاد؟ هل يمكن الثقة قى حياد حكومة قنديل تجاه الانتخابات البرلمانية القادمة فى ظل هذا العدد الكبير من قيادات الجماعة التى تتولى وزارات خدمية، ويمكن أن توجّه قدرات الدولة وحصيلة أموال دافعى الضرائب المصريين لخدمة مرشحى الجماعة فى الانتخابات؟ مَن الذى يضمن عدم توزيع أعضاء الجماعة من خلال وزارة التنمية الإدارية «الحكم المحلى» على لجان الإشراف على الانتخابات، فتقوم بعملية ممنهجة للتأثير على أصوات الناخبين، وتؤثّر بشكل قوى فى عملية فرز الأصوات تأثيرًا يصل إلى مستوى قلب النتائج وتزويرها على نطاق واسع؟ أيضًا هل يمكن ضمان إجراء انتخابات حرة نزيهة فى ظل وجود النائب العام الحالى الذى يعمل لخدمة مشروع الجماعة وملاحقة معارضيها، وتوفير الحماية القانونية لمرتكبى الجرائم بكل أنواعها من أعضاء الجماعة والأهل والعشيرة؟
إذا كانت الأسئلة السابقة عينة لما يمكن طرحها والسجال حولها، فإن الشق الثانى فى تصريحات الدكتور هشام قنديل، قد حسم الأمر تمامًا، فالرجل أشاد بسلامة عملية الاستفتاء على الدستور التى جرت فى ديسمبر من العام الماضى، فإذا كان رئيس الوزراء يرى فى الاستفتاء على الدستور المصرى نموذجًا لنزاهة يتحدّث عنها، فالمؤكد أن إشراف حكومة قنديل على الانتخابات البرلمانية القادمة سيكون فرصة تاريخية للجماعة للقيام بأكبر عملية تزوير للانتخابات فى البلاد، ربما على نحو يفوق ما فعل الحزب الوطنى فى انتخابات برلمان ٢٠١٠، فمعايير النزاهة لدى قنديل متدنية للغاية إن لم نقل إنها مفقودة، بل إن الرجل يكذب علنًا عندما يقول إنه لم يتقدّم أحد بشكاوى من عملية تزوير فى الاستفتاء، فالحقيقة أن هناك عشرات الانتهاكات المسجلة بالصوت والصورة، وعشرات الشكاوى من عمليات تزوير وقعت، وفى تقديرى أن إشادة قنديل بالاستفتاء على الدستور ونفيه وجود طعون على مخالفات وقعت إنما يؤكّد يقينًا أن المهمة الأخيرة لقنديل وحكومته هى القيام بأكبر عملية تزوير للانتخابات وتسليم الغالبية للجماعة، هنا تكتمل مهمة قنديل ويسلم الراية لمن ستختاره الجماعة، لذلك أحسب أنه من الضرورى لجبهة الإنقاذ أن تتمسك بمطلب تغيير رئيس الحكومة ووزراء الجماعة قبل خوض الانتخابات، فإن لم يتحقق ذلك فمقاطعة الانتخابات من كل أحزاب الجبهة تكون أمرًا لا مفر منه، فلا معنى لخوض انتخابات برلمانية تجرى مخططات تزويرها على قدم وساق، وتتعاون فيها مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية مع الجماعة. المهم هنا أن تصل جبهة الإنقاذ إلى موقف مشترك، أما الانقسام فسوف يسهّل مهمة الجماعة فى تزوير الانتخابات، وعندها ستخسر القوى المدنية، ستخسر مصر كلها، مَن شارك ومَن قاطع.