ورد السيسى على تساؤل عادل إمام حول ملف شهداء رفح قائلا: «انتوا تفتكروا لو إحنا نعرف مين اللى قتل ولادنا كنا سيبناه، أو يكون فيه حد يحول بيننا وبينه؟ لو نعرفه لن يجلس ثانية واحدة على وش الأرض، لن ننسى من قتلنا، وأقول لضباطى: لا تنسوا من قتلنا...».
الجملة الأخيرة هى مربط الفرس، وعد السيسى دين عليه، دم الشهداء فى رقبته، ما يصدر عن القائد العام أوامر، لا تنسوا من قتلنا، إذن السيسى يطلب الثأر، لو نعرفه لن يجلس ثانية واحدة على وش الأرض، قد القول يا سيسى، وإنا لمنتظرون، حزانى عليهم لا يكفكف لنا دمع، يحرم علينا الفرح، لنجيب حقهم لنموت زيهم، ولازم المجرمين يكونوا عارفين إنهم مطلوبون للثأر، مهما طال الزمن.
خلص الكلام، لا كلام ولا سلام مع القتلة المجرمين، دماء القوات المسلحة تغلى، دققوا فى كلمات القائد العام «المجرم لن يجلس ثانية واحدة على وش الأرض»، خلاص صدر الحكم، فى عداد الأموات، ولن يحول بيننا وبينه أحد، والكلام إليك يا جارة، الرسالة بعلم الوصول، الدم مايهونش إلا على ابن الحرام، من قتل شبابنا ساعة الإفطار فى رمضان ابن حرام، وولاد الحرام ماخلوش لولاد الحلال حاجة.
كلام السيسى صعيب، كلام عسكرى ناشف صُح (بالضمة على الصاد الصعيدية) يأمر ضباطه، لا تنسوا من قتلنا، ما جرى على الحدود جريمة خسيسة من خسيس استهدف قتل القوات المسلحة، كسر نفس الجنود، شرخهم من جوه، لازم يشرب من مرار الكاس، الدم كاس وداير على الشفايف، معلوم مخطط مجرم ومقصود على الحدود، لا تنسوا من قتلنا، معلوم من قتلهم «أبوجلد تخين»، وكلنا عارفين والسكينة فى بطننا وساكتين، اصبر على جارك السوء، نهايتك قربت يا جاسوس يا قاتل الجنود على الحدود، القصاص قادم ولو بعد حين.
قاتل من يصمت على الدم، خاين من يحول بيننا وبين القتلة المجرمين على الحدود، جاسوس من يغطى على جريمة قتل شباب فى عمر الزهور حصدهم طائر الموت، طائر أسود، من طيور الظلام التى ترعرعت على الغيلة والخيانة، تسرى فى عروقهم الخيانة مسرى الدماء فى العروق، تبّت أياديهم لا وطن لهم، ولا هم يرعوون لدين، أو لضمير، شهداؤنا كانوا صائمين.
بعد كلام السيسى الكلام مات، الثأر ولا شىء غيره، الدماء التى سفكت بغدر، غيلة، دم الشباب الذى سال فى هذه البقعة النائية غدراً، لن يروح هدراً، كان الشباب يعدون النجوم حبا، كم أشرقت وكم غربت عليهم شموس، وكم جنّ عليهم ليل طويل، تطلعوا إلى القمر عشقا، حلموا بالأرض الخضرا البراح، ونسمة عصرية تشفى النفوس الملتاعة.
عاجزون عن البكاء عليهم، جمدت الدموع فى العيون، تفضحنا عيوننا، الصب تفضحه عيونه، لن نبكيهم أبداً، لا نستثنى منهم أحداً، لا نفاصل فى دمائهم، هم شهداء ولو كره المرجفون، دماؤهم درس وعظة لأجيال تولد فى ربيع الحرية، وأخرى تشب عن الطوق، فى حجرنا ترى بأعينها دماء الشهداء، ومواكب النور تزفهم إلى جنات الحور.
لن تذهب هباء، لن تضيع حيواتهم بعد اليوم سُدى، لابد من قطع الأصابع التى طالت لتنحر رقابا مصرية، دم الشهداء أمانة فى عنق السيسى ورجاله، شهداء الحدود قدموا أرواحهم ثمناً غالياً لحماية العرض والولد، وقبلهما الوطن الذى استحق الحياة، ما استحق الحياة من عاش لنفسه وحيداً، لستم وحدكم، نحن جميعاً خلفكم نطلب ثأراً هو حق لنا، وراحة لهم، كل شهيد منهم صار علماً وثورة ونشيداً، بلادى بلادى لك حبى وفؤادى، والله على ما أقول شهيد.
