كما انهارت شعبية جماعة الإخوان عند المخدوعين بها وعند الغلابة، سواء الغلابة مالًا أو الغلابة عقلًا ووعيًا، فإن قدرة الجماعة على الحشد قد تآكلت وانحسرت إلى حدّ يؤكد أن هذه الجماعة عاشت على الأكاذيب وإذا بها تتكشف كلها فى توقيت واحد فتوشك على نهاية صورة الجماعة التى كنا نعرفها عليها.
طيب ما الأدلة؟!
أدلّتى على انهيار شعبية الإخوان هى حوادث أكثر من أن تُحصَى وشارع مصرى أتحدى أى إخوانى أن يقف فيه على رصيف ويمدح الجماعة بل وأن يعذرها حتى أو أن يطلب من الناس منحها وقتًا.
ردّ الفعل الكاره الرافض الناقم الغاضب ضد الإخوان يجمع من أرقى الأحياء إلى الأحياء العشوائية ومن بحرى إلى الصعيد ومن مسلم إلى قبطى ومن عجوز إلى شاب، وتقريبا نسبة تسعين فى المئة من نساء مصر.
الجماعة تدَّعى داخلها أنها فقدت ستين فى المئة من شعبيتها فى الشارع. أظنهم يتحدثون عن فقدان شعبيتهم بهذه النسبة داخل أنصار ومحبى الجماعة فقط، فالنسبة أكبر بكثير عند الجمهور العامّ، وهنا نصل إلى دليلنا على تآكل وانحسار قدرة الإخوان على الحشد.
نعم لقد فشلت بشكل مريع مليونيتهم الكَذوب لتطهير القضاء إذ لم يتجاوز الحضور بأعلى قدرة على المبالغة خمسين ألفا، ثم جاءت مليونية النصب والخداع والابتذال وهى مليونية الجمعة الماضية التى تدَّعى نصرة القدس، فإذا بالعدد لا يتجاوز مئتين فقط!
لقد فقد الإخوان تركيزهم فى الحشد وفقدوا قدراتهم على التعبئة، فلا أحد يستجيب.
القوة الأساسية للإخوان فى الحشد هى الأقاليم، وقدرة الجماعة على استدعاء أعضائها من المحافظات فى أوتوبيسات والانتقال بهم إلى القاهرة حيث مكان التجمُّع.
هى اختبار فشلوا فيه كثيرا فى الأشهر الأخيرة، فإخوان الأقاليم يهربون الآن من هذا الحشد ويرفضونه ويتخوفون منه ويغيبون عنه، فالثابت أن الجماعة تستخدم هؤلاء الغلابة باندفاعهم وإخلاصهم وسذاجتهم دون أن تهتمّ بمصائرهم من حيث تلقِّيهم الضرب والاعتداء، بل وموت بعض منهم، خصوصا فى نكسة المقطم، التى كشفت أيضا طبقية الجماعة والتعامل الرخيص مع شباب الأقاليم مع العناية والحماية لشباب وأبناء قيادات القاهرة. يأتى أعضاء الجماعة إلى العاصمة فيعانون الإهمال ويتعامل معهم مكتب الإرشاد باعتبارهم بلطجيته الذين يبثُّون الذعر فى الخصوم ويوهمونهم أن القوى التى تواجههم هم أعداء الوطن وعيال تافهة ضعيفة، فإذا بإخوان المحافظات تتلقى دائما الضرب والاعتداء وإحراق الأوتوبيسات ويتوهون فى شوارع القاهرة ويتشردون فى شوارعها دون أن تحميهم الجماعة أو تشاركهم المعاناة، بل حتى الآن أعضاء الجماعة من أصحاب أوتوبيسات نقل الإخوان التى احترقت لم يتقاضوا تعويضات من الجماعة وتقاضاها فقط أصحاب الأوتوبيسات من القيادات الكبيرة ذات النفوذ.
التضحية بأبناء المحافظات كانت سببا مهمًّا فى فشل الحشد الإخوانى.
لكن كذلك ينضم إلى الأسباب هذا التكالب المريع على النفوذ والفلوس الذى شهدته الجماعة وتداعت الأَكَلة إلى قصعتها فشهدت صراعات وخصومات ومنازعات وتجاوزات صارت تلتهم وقت الجماعة فى الأقاليم، فضلا عن انكشاف أوهام الزهد والتضحية لدى القاعدة الواسعة من الأعضاء، فانتهى الأمر بالنفور والفتور، الأمر الدى تراه الآن فى أيام الحشد الفقير والحضور الناحل.
الجماعة التى عاشت على إرهاب خصومها بقدرتها على الحشد والتنظيم وبفتواتها الذين ربَّتهم عسكريًّا تنكشف تماما، وكل من يعتقد فى قوة خيرت الشاطر إنما يخدم الجماعة والشاطر بصناعة صورة مزيفة عن جماعة متآكلة ضعيفة كل تهديداتها وصراخها تعبير عن ضعف وتراجع، فأى نفخة جماهيرية فيها سوف تُسقِطها تحت الأقدام.