ايجى ميديا

السبت , 28 ديسمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

الجنة هنا الآن.. وكذلك الجحيم

-  

«قواعد العشق الأربعون» رواية عن جلال الدين الرومى، للكاتبة التركية «إليف شفق» هكذا يقول عنوان الكتاب، ولكنك تجد نفسك أمام خلقٍ إبداعى ساحر أخاذ، يتنقل بك فى حركة موسيقية دوارة: بين القرن الثالث عشر فى تركيا العثمانية، حيث تصوف الرومى وشمس التبريزى، وإبداع ديوان «المثنوى» ورقصة دراويش المولوية، وبين بيت ومطبخ السيدة: إيلا وروبنشتاين، زوجة طبيب الأسنان الأمريكية، يهودية الديانة، لها أولاد ثلاثة، وتقترب من منتصف العمر، متيسرة تسكن الضواحى، وتعمل فى وقت فراغها، قارئة نصوص لدار نشر متواضعة، يتنقل العمل بين التصوف الإسلامى والجموح الفكرى العاصف هناك، والرتابة والملل البرجوازى فى بوسطن.

وكما تلقى بحجر فى بحيرة ساكنة، وقع فى يد «إيلا» نص روائى لكاتب جديد بعنوان «كفرحلو» يتناول حياة الرومى وشمس: تتحرك المياه الساكنة، ويسحب النص روح المرأة لتقع فى أسر شعر الرومى وشخصية شمس، بل أكثر من ذلك تقع فى علاقة مع كاتب النص عن طريق التراسل الإلكترونى، فينقلب العالم، ويختلط اليوم الحاضر، بالتاريخ الإسلامى الصوفى التركى القديم. وتستمر الدوامات على السطح الساكن، لكى يتشكل أمامنا خلال خمسة فصول وحوالى 500 صفحة، عمل روائى نادر يشغل فراغ القلب ببعض البهجة والحب والذكاء الإنسانى. وترى بالكلمة والصورة والمعنى «أن القرن الحادى والعشرين لا يختلف كثيراً عن القرن الثالث عشر، سيذكر التاريخ أن هذين القرنين كانا عصر صراعات دينية إلى حد لم يسبق له مثيل، عصراً ساد فيه سوء التفاهم الثقافى، والشعور العام بعدم الأمان والخوف من الآخر».

وفى أوقات كهذه، تكون الحاجة إلى الحب أشد من أى وقت، لذلك كان ماء الرواية وبحرها: دين العشق، ومثل درويش يدور حول نفسه تكرر كما جاء فى النهاية: لا قيمة للحياة من دون عشق، لا تسأل نفسك ما نوع العشق الذى تريده، روحى أم مادى، إلهى أم دنيوى، غربى أم شرقى.. ليس للعشق تسميات ولا علامات ولا تعاريف. إنه كما هو نقى وبسيط.

العشق ماء الحياة. والعشيق روح من النار!

يصبح الكون مختلفاً عندما تعشق النار الماء.

■ ■ ■

سوف أحاول أن أبتعد عن المعمار الجميل الذى بنت به المؤلفة عملها، حتى لا أفسد على أى قارئ محتمل متعة التنقل فى أبهاء هذا العمل الجميل الممتع. وسأكتفى بالتنقل على صفحة المنمنمات الشرقية الملونة. تصف المؤلفة الظهور الأول لموكب مولانا جلال الدين الرومى، فتقول: «حدث هرج ومرج فى الخلف. وسمعت أحدهم يصرخ: (إنه قادم.. إنه قادم) وكما هو متوقع جاء الرومى، ممتطياً حصاناً أبيض كالحليب، مرتدياً قفطاناً عنبرياً رائعاً مطرزاً بأوراق ذهبية ولآلئ صغيرة، منتصباً بفخر، حكيماً ونبيلاً، يتبعه حشد من المعجبين والمريدين. كان يشع بهاء وثقة، وكان يبدو حاكماً أكثر منه عالم دين- سلطان الريح والنار والماء والتراب- حتى حصانه المهيب كان ينتصب بثبات، وكأنه يدرك أهمية الرجل الذى يمتطيه».

أما «قونية»: وهى البلد الذى تجرى فيه أغلب أحداث الرواية، فهو بلد تاريخى قديم يقع فى قلب هضبة الأناضول، تقول الأساطير إنه أول بقعة جفت فى الأرض بعد الطوفان العظيم. كما أنه مذكور فى التاريخ، كمكان اجتماع بطاركة الدين المسيحى الشرقى، حيث أرسيت أسس الديانة الأرثوذكسية، وهو طبعاً بلد الرومى وفيه حتى الآن قبره ومزاره. جاء إليها شمس الدين التبريزى من سمرقند، بعد ترتيب قدرى لكى تلتقى الأرواح ويجد الصديق صديقه، ويكتمل فكرهما الصوفى، ولأن المؤمن مرآة المؤمن.

ويكوم كل منهما «مثل مرآة تعكس الغائب لا الحاضر، تريك الفراغ فى روحك» يصف شمس التبريزى قونية فى أول نزول لها قبل لقاء الرومى: «رحت أطوف فى الشوارع مبدياً دهشتى من هذا المزيج من الأديان والعادات واللغات الذى يملأ الهواء، إذ صادفت فى طريقى غجراً يعزفون موسيقى، ومسافرين عرباً، وحجاجاً مسيحيين، وتجاراً يهوداً، وكهنة بوذيين، وشعراء متجولين من الأفرنجة، وفنانين فرسا، وبهلوانات صينيين، وسحرة أفاع هنوداً، وسحرة زرادشتيين، وفلاسفة يونانيين، وفى سوق الجوارى رأيت محظيات ذوات بشرة بيضاء كالحليب، ومخصيين زنوجاً، فقدوا القدرة على الكلام من شدة الأهوال التى كابدوها. وصادفت فى السوق حلاقين جوالين يحملون أدوات حجامة، وبصارات يحملن كرات بلورية، ومشردين شككت فى أنهم جنود هاربون من الحملات الصليبية.. كانت المدينة أشبه ببرج بابل. وكان كل شىء فيها يتحول باستمرار، يتشعب، يبرز إلى الضوء ينتشر، يزدهر، ثم يذوب، ويتفسح، ويموت... أحسست بحب جارف لجميع الذين يكافحون، ويعانون.. ثم تذكرت قاعدة ذهبية أخرى: من السهل أن تحب إلهاً يتصف بالكمال، والنقاء، والرحمة، ولكن الأصعب أن تحب إخوانك البشر بكل نقائصهم وعيوبهم.

تذكر أن المرء لا يعرف إلا ما هو قادر على أن يحب، فلا حكمة من دون حب، وما لم نتعلم كيف نحب خلق الله، فلن نستطيع أن نحب حقاً، ولن نعرف الله حقاً».. «إن عدم احترام اختلافات البشر، ومحاولة فرض أفكارك على الآخرين. يعنى عدم احترام النظام المقدس الذى أرساه الله».

مع شمس التبريزى تحول الرومى من خطيب يطلقون عليه ساحر الكلمات إلى قلب يترنم بالشعر. مع شمس أدرك الرومى تعب العامة وشقاء الفقراء. وذات يوم ابتكر شمس الرقصة: «التقط شمس حفنة من التراب، وبينما ترك التراب ينسل من بين أصابعه أضاف بهدوء: لو كان بإمكاننا اعتناق الكون كله، بكل اختلافاته وتناقضاته، لذاب كل شىء، وأصبح بوتقة واحدة. التقط شمس غصناً يابساً ورسم به دائرة كبيرة حول شجرة البلوط، وعندما انتهى من ذلك رفع ذراعيه إلى السماء كأنه يريد أن يمسك حبلاً غير مرئى، وراح يردد أسماء الله الحسنى التسعة والتسعين، ويدور داخل الدائرة، ببطء وبهدوء فى البداية، ثم بسرعة متزايدة، مثل نسيم الماء، وسرعان ما أخذ يدور بسرعة وبقوة ريح عاصف. يقول الرومى: كان دورانه بهذا الحماس آسراً، وبدأت أحس كأن الكون كله، الأرض والنجوم والقمر تدور معه. رحت أراقب هذه الرقصة الغريبة، تاركاً الطاقة التى تشع منها تغلف روحى وجسمى..»

إليف شفق واحدة من أهم كتاب تركيا. من مواليد 1971. لها 12 رواية. حوكمت فى تركيا لتعرضها لمذابح الأرمن فى عشرينيات القرن الماضى، حكم عليها بثلاث سنوات سجن عن رواية «لقيطة إسطنبول» 2007.

تم العفو عنها، وهى تكتب بالإنجليزية والتركية. وتعتقد أن القارئ التركى فى أغلبيته من النساء، وهى فخورة بنجاح قواعد الحب التى كرستها فى روايتها، خاصة القاعدة الخامسة والعشرين التى ملخصها: «فى كل مرة نحب نصعد إلى السماء، وفى كل مرة نكره أو نحسد فإننا نسقط مباشرة فى نار جهنم».

■ قواعد العشق الأربعون. إليف شفق. ترجمة خالد الجبيلى. دار طوى- لندن.

التعليقات