إنه البرنس سمير غانم ولا أحد غيره.
وحده العم سمير قادر على تقديم مثل هذا الدور، فمن غيره يجرؤ على الظهور فى دور ممثل سينمائى كبير انحسرت عنه الأضواء وما زال يحلم بها ويحنّ إليها، يتمنى العودة ولو بدور صغير فى فيلم يقوم ببطولته أحد الممثلين الشباب؟
يتحدث عن اشتياقه إلى الكاميرا ويحنّ إلى تصفيق الجماهير بعد انتهاء العرض، وينام طول الليل والسيناريو فى حضنه، ثم يصطدم باستبعاده من الدور فيردّ على المنتج والحسرة تملأ ملامح وجهه والدموع حبيسة فى عينيه: «أنا أصلا كنت هاعتذر عن الدور»، فى واحد من أقوى المشاهد الإنسانية فى فيلم «تتح» وأعلاها.
مَن غير سمير غانم يفعلها دون أن يخشى اتهامات الناس بأنه «ممثل وبيحكى مأساته» أو يخاف من الاستماع لتعليقات من نوعية «ماهو فعلا.. كان نجم فى شبابه بس إيييه.. هى الدنيا كده»، خصوصا لو ظهر الممثل بشخصيته الحقيقية.. «الفنان الكوميدى سمير غانم»؟
المفاجأة أن المخرج سامح عبد العزيز لم يطلب منه الظهور بصفته الحقيقية، بل كان مجرد دور لفنان كبير جار عليه الزمن يحمل أى اسم فى الحياة: على الزينى، أو محمود النجم، إن شا الله محمد ترباس. المهم أنه أى اسم إلا سمير غانم، فكانت الإجابة: «ولماذا لا أظهر كسمير غانم؟»، وكانت أجمل إضافة على المشهد الواحد الذى لم تتجاوز مدته على الشاشة الدقائق الخمس.
سمير غانم ليس ذلك الفنان الذى انحسرت عنه الأضواء بعد أن أعطته النجومية ظهرها، وليس هذا الفنان الذى يسعى إلى المنتجين طمعا فى دور يعود به إلى السينما، ومع ذلك لم يتردد لحظة فى تقديم الدور رغم ما قد يتركه من انطباعات لدى البعض بأنه «ملمّس» مع الحقيقة.
المقرَّبون منه يعرفون جيدا أنه مش «رمرام»، و«إنِف» جدًّا فى اختيار أدواره، وبيتعزز على المخرجين، ربما لم يكن يفعل هذا فى شبابه، لكنه بات يختار أدواره بكل ما أوتِىَ من دقة، فقد رفض كثيرًا، لكنه هذه المرة لم يرفض.
إنها تلك الحالة من التصالح مع النفس التى يتمتع بها كل فنان حقيقى يثق بنفسه وقدراته الفنية ونجوميته، خصوصا لو أن هذا الفنان هو سمير غانم الذى زادته السنُّ بهجة ولم تنتقص من نجوميته شيئا ولا من جمهوره فردًا، مجرد ظهوره على الشاشة ولو بمشهد واحد يُكسِب المكان كله وهجًا، ويُضفِى على كل مَن حوله بريقًا على بريقه.