من المضحكات في هذا الزمن العجيب أن تجد من يحاول التعامل مع الشعب مفترضاً فيه الغباء والسزاجة، وكأن هذا الشعب لم يقم بثورة أبهرت العالم بسبب تحضر هذا الشعب وذكائه وقدرته على التمييز بين الصدق والكذب والمراوغة، غير قدرته المبهرة على التعايش وقبول الأخر المختلف معه في كل شيء أذا توافقوا يوماً ما على شيء واحد فقط كرحيل مبارك.
خرج علينا أحد هؤلاء من النوع المنتشر الأن في المجتمع والذي يتكون من «نصف سلفي على نصف إخواني» أو بمعنى أخر من يدعي الوقوف على الحياد في منطقة الخلاف بينهما، ليدعوا الشعب للتظاهر أمام مبنى الأمن الوطني والذي كان يسمى أمن الدولة، لأنهم مازالوا يمارسون نفس سياسات الماضي الناس.
والسؤال هنا: أي ناس ؟!
جهاز أمن الدولة أو الأمن الوطني هو في الحقيقة جهاز لأمن النظام، وكل ممارساته لأجل النظام سواء كان النظام السابق أو الأسبق أو الحالي، فمن الغباء أن يحاول هؤلاء إقناعانا أن جهاز الأمن الوطني يمارس سياساته على من أسموا أنفسهم التيار الإسلامي لأنه وببساطة هو تيار النظام الحالي، وهذا الجهاز لا يعمل من تلقاء نفسه بل من خلال توجهات وسياسات يُأمر بها من وزير الداخلية بناءاً على طلب من رئيس الجمهورية، فليس من المفترض إن إستدعى أحد ضباط هذا الجهاز واحداً من التيار الحاكم أن يقلق بل يلبي ويرحب لأنه وببساطة سوف يكون إستدعاء من أجل جمع معلومات في ملف ما يحفظ أمن النظام المنتمي إليه.
وإن كان هذا التيار كما يدعي أنه لا يريد ممارسات هذا الجهاز مطلقاً على كافة طوائف الشعب، فلماذا لم يُطلب ذلك بشكل رسمي من رئيس الجمهورية بما أنه رئيس السلطة التنفيذية وحيث أن هذا الجهاز هو جزء منها؟ وإن تم رفض ذلك أو لم يبالي فتكون أماكن التظاهرات عند قصر الرئيس أهم وأجدى، فهو المسؤل الأول والأخير عن وزارة الداخلية بأكملها.. أم أن لهؤلاء أغراض أخرى كالضغط على أمن الدولة ليكون أداة في أيدي هؤلاء للتنكيل بخصوم الرئيس ونظامه حيث أنهم تيقنوا أن الإعتماد الكلي على القضاء والنائب العام في ذلك لم يعد مجدياً خصوصاً بعد الأزمة الأخيرة بينهم وبين القضاء، أم أن هذا نوعاً من العقاب على تسريبات المحادثات بين قيادات الإخوان وقيادات حماس قبل وأثناء وبعد الثورة إلى الإعلام، والتي فضحت حجم المؤامرة التي تندرج تحت مسمى الخيانة العظمى !؟
الحقيقة الواضحة تماماً أننا لم نرى «حسام أبو البخاري» ورفاقه في تظاهرة ضد ضد مبارك ونظامه وداخليته وأمن دولته قبل الثورة أو في «بداية أحداث الثورة نفسها» أو بعدها ضد ما تبقى من نظام مبارك وورثه المجلس العسكري ثم محمد مرسي من بعدهم، والحقيقة أن حسام البخاري واحداً من هؤلاء من الفريق الذي حرم الخروج على الحاكم وحتى الأن، وبعد الثورة خرج حسام البخاري يتحدث عن أن إسقاط مبارك كان السبب الرئيسي فيه هو التظاهرات التي خرج فيها التيار الإسلامي وحده في بدايات ٢٠١٠، والحقيقة أن تلك التظاهرات كانت تظاهرات «كاميليا و وفاء و عبير»، والتي خرجد تندد بتسليم الأخت كامليا زوجة كاهن من محافظة المنيا إلى أيدي الكنيسة حال ذهابها لنشر إسلامها في ساحة الأزهر الشريف ومشكلة تسليم الأخوات للكنيسة بعد إسلامهن، والتي بعدها خرجت كاميليا نفسها لتنفي تلك الأكاذيب على حد قولها، ضاربتاً بتظاهرات ونفير هؤلاء عرض الحائط،
قمة المسخرة عندما تأتي الأن وبعد أن تبدل الحال وأصبح لك من تيارك رئيس للسلطة التنفيذية .. أن تأتي اليوم لتتظاهر ضد جهاز أنت مسؤول عنه وتحت سيطرتك الكاملة !