فريدمان يتحدث عن سبب الموقف الأمريكي من سوريا: اللي يتلسع من الشوربة ينفخ في الزبادي.. وواشنطن لسعتها شوربة العراق
فريدمان: نستطيع تحديد المتمردين ذوي النوايا "الجيدة" ودعمهم ومضاعفة جهودنا الدبلومسية لتعزيز المعارضة "الصادقة"
علق الكاتب الأمريكي"توماس فريدمان" على الأوضاع في المنطقة العربية وخاصة سوريا،وناقش مزاعم التدخل الأمريكي لحل الأزمة السورية، حيث قال :"قال لي صديق عربي أثناء مناقشة حول تورط الولايات المتحدة في الصراع السوري،أن ذلك التورط يذكره بمثل عربي شهير وهو "اللي اتلسع من الشوربة.. ينفخ في الزبادي".
وأضاف الكاتب :"بعد أن حرقت ألستنا في العراق وأفغانستان، وزيادة المحنة أعقاب ثورات الربيع العربي في ليبيا وتونس ومصر، فإن الرئيس أوباما يتوخى الحذر حول الأزمة المشتعلة في دمشق، ورأينا ما يكفي حتى نتعلم من تلك الدروس وخاصة العربية التي سعت للتخلص من الحكم الاستبدادي والحفاظ على ما يلزم من التغيرات الإيجابة في هذه البلدان، ولكن الولايات المتحدة تتجاهل الدروس التي تعرضها للخطر وخاصة درس العراق،والذي يريد الجميع نسيانه، ولكنه متصل بنا إلى حد كبير".
وأشار إلى أن سوريا هي توأم العراق حيث الظروف المتشابهة، الدولتان ولدتا بعد الحرب العالمية الاولى داخل الخطوط المرسومة من قبل القوى الإمبريالية،تتعد الطوائف والمذاهب في البلدين حيث المسيحيين والدروز والعلويين والاكراد والشيعة، وقد حكمت سوريا لفترة طويلة من قبل القوى الاستعمارية مثل العراق.
وفي العراق كانت هناك آمال للتخلص قبضة ديكتاتورية حديدية ،وتم التخلص منها عن طريق الولايات المتحدة. وذكر: "نرى الآن الفرق الكبير بين دول أوربا الشرقية في عام 1989، والعالم العربي في عام 2013، حكمت دول أوربا الشرقية من قبل حكومات شيوعية استبدادية قمعت الديمقراطية، وحين تخلصت تلك الدول من الحكم الاستبدادي تحركت سريعا واتت بحكومات منتخبة بحرية، مستوحاه من فكرة الاتحاد الأوربي".
وأضاف: "على النقيض في العالم العربي، حين تخلصت الشعوب من الحكومات الاستبدادية القمعية ظهرت المشاكل الطائفية أو القبلية والديمقراطية، ووصل تيار الإسلام السياسي بسهولة إلى الحكم، ولكن ليس بإحاء من الاتحاد الأوربي، إنما عن طريق المساجد والجمعيات الخيرية الإسلامية".
وأوضح: "بأختصار فأن دول أوربا الشرقية تحولت إلى بولندا بعد التخلص من الحكم الشيوعي الاستبدادي، وتحولت الدول العربية إلى "يوغوسلافيا" بعد انتهاء الشيوعية".
وكما قلت كان أملنا وأمل الديمقراطين العرب الشجعان الذين بدأوا هذه الثورات، الانتقال الديمقراطي من "صدام حسين" إلى "جيفرسون" دون أن يعلقوا في "الخميني" أو "هوبر"،أي الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية دون أن يعلقوا في الإسلام أو الفوضوية.
ويعتقد الكاتب الأمريكي أنه "للقيام بذلك نحتاج لعملية خارجية لتحل روح الديمقراطية بدل من الطائفية، أو بالأحرى كما فعل نيلسون مانديلا، فقد كان مصدر إلهام وتوجيه للتحول الديمقراطي الذي يشمل جميع المجتمعات، وكما نعلم حاولت الولايات المتحدة لعب هذا الدور الخارجي في العراق، ولكن بنوع من عدم الكفاءة، ولكن وجدت الولايات المتحدة كل من المعتدلين الشيعة والسنة يعودون إلى حافة الهاوية، وعقدت الانتخابات وكتب الدستور على أمل أن يولد مانديلا العراقي، ولكن للأسف ولد نوري المالكي، وهو غير قادر على بناء الثقة بين المجتمعات العراقية المختلفة، وزرع بذور التقسيم الطائفي".
واستطرد فريدمان: أعتقد إذا كنا نرغب في إنهاء الحرب الأهلية السورية وتوجيه سوريا نحو مسار الديمقراطية فيجب أن تحتل البلاد بالكامل، لتأمين الحدود ونزع السلاح من جميع المليشيات، وسيكون هذا مكلف ومذهل وسيستغرق فترة طويلة، بالإضافة إلى أن النتائج غير مضمونة.
وفي رأيي بدون الرئيس السوري والذي يجب أن يكون القائد المعالج وليس المفرق،ستفشل القوى الخارجية في إعادة بناء سوريا، حيث لا توجد دول ستتطوع لهذا الدور، وأنا بالتأكيد لا أرشح الولايات المتحدة، واعتقد أن الصراع السوري سوف يستمر حتى تستنفذ جميع الاطراف قواها، وفي الوقت نفسه، نستطيع تحديد المتمردين ذي النوايا الجيدة، ونعمل على دعمهم، ومضاعفة جهودنا الدبلومساية لتعزيز قيادة المعارضة الصادقة والتي يمكن أن تطمئن جميع الطوائف السورية، وستكون حكومة عادلة والحد من مخاوف السوريين من ظهور الخوميني أو هوبر من بعد بشار.
ويحذر الكاتب من أنه "يجب ادراج الوضع اللبناني في الحسبان حيث بعد 14 عاما من الحرب الأهلية هناك خطة لتقاسم السلطة بطريقة عادلة وحتى ذلك الحين فإن سوريا تحتاج لمساعدة خارجية لطمأنة السوريين خلال الفنرة الانتقالية، ولكن يمكنا عبور هذا الجسر عندما نصل إليه".
وأختتم بالقول: "ويبقى بديل وحيد لن يحدث وهو هزيمة طرف واحد من النزاع ودخول الطرف الآخر بسلام وهذه الطريقة بها نوع من الخيال".