الإخوان باقون فى الحكم ما دام الله غاضبا علينا وما دام الأمريكان راضين، فنحن لا نستحق غيرهم، وكالعادة الإخوانية المفقوسة إشعال الشارع، ومن الناحية الأخرى ينفذ ما يريد.
ولم يكن الهجوم على القضاء الأسبوع الماضى إلا لتمرير مشروع اتفاقية خليج السويس مع الصينيين والتراضى للجميع هو المرحلة الأمريكية فى الشرق الأوسط. الصين تدخل خليج السويس لتهدأ كوريا الشمالية وتنكس علم الحرب، وفى نفس الوقت مشروع السد الإثيوبى على نهر النيل الذى يموله الصينيون فجأة تظهر عيوبه ويصبح لدى الإثيوبيين كأنه مشروع الفنكوش ويبدو أن اسمه -سد النهضة- مأخوذ من مشروع النهضة الخاص بالإخوان وقبل ذلك بأيام يهبط مرسى على روسيا وتتم الموافقة على دخول الشركات الروسية للتنقيب عن الغاز الطبيعى فى البحر المتوسط على الشواطئ المصرية، وفى نفس التوقيت -سبحان الله على الصدف- تعلن أمريكا وإسرائيل عن الموافقة على مشروع تبادل الأراضى لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها «رام الله» ويأتى رئيس وزراء قطر إلى مصر قادما من أمريكا ليوصل الرسالة وليمنع إطلاق النار تجاه إسرائيل من الأراضى المحتلة، وفى نفس التوقيت -سبحان الله مرة أخرى على الصدف- يسافر عصام الحداد إلى إيران مع وفد خاص للنظر فى تقوية العلاقات ما بين البلدين فى غيبة وزير الخارجية الذى يبدو أنه يقزقز «لب سوبر» فى مبنى الوزارة.
الإخوان بأجهزة الدولة الخانعة ستطبِّع العلاقات مع إيران وستنفصل مصر تماما عن دول الخليج، وكان تكريم شيخ الأزهر الأخير فى الإمارات ما هو إلا حفل وداع مؤقت، كما نرى فإن جميع الأطراف فى منطقة الشرق الأوسط أخذ حقه كاملا متكاملا. الكل «متراضى» والخطوة التالية الهامة هى التخلص نهائيا من صقور الإخوان ورجالها القدامى، وعلى رأسهم خيرت الشاطر، فما يحدث لهذا الرجل لا يتم صدفة أبدا، بل هى أشياء مدبرة بعناية فائقة لإنهاء دوره القيادى فى الجماعة، بدأت بإبعاده عن الترشح للرئاسة، ثم القبض على حارسه الشخصى والحكم عليه عاما كاملا ثم تسريب وقائع تسلمه تسجيلات الإخوان مع حماس من الأمن الوطنى، وهى حكاية قديمة ومعروفة منذ اقتحام مبنى أمن الدولة، لكن توقيت تسريبها له ألف دلالة، ثم القبض على حارسه الثانى صهيب ثم الرجل نفسه يعلن للوكالة الألمانية أنه يتمنى أن يترك العمل السياسى ويتفرغ لمشاريعه الاقتصادية.
الرجل إما التقط الإشارة أو بُلِّغ بها وفى النهاية سيتم التخلص من مرسى، لكن بشكل ديمقراطى لترسيخ تلك العادة فى مصر، لذلك سيكمل دورته كاملة هذا الرجل على العرش فقط لتمكين وتدريب رجال من طراز جديد فى الإخوان على إدارة الدولة. هم فى مرحلة التدريب والتجريب. والمتربين رباية كاملة على يد الأمريكان على رأس هؤلاء عصام الحداد مهندس خارجية الإخوان واليد الأمريكية القوية فى الحكم، وهو محاط بحالة من الهيبة والغموض وعدم الظهور إلا فى أوقات معينة مع إعلاميين من نوعية خاصة سعودية الصنع ليظهر للجميع على أنه عقلية إدارية ومخابراتية فذة، ومن نفس الفصيلة أسامة ياسين وزير الشباب، وهو الرجل المحبوب فى صفوف شباب الإخوان، وهو الرجل الذى يستقبل الشباب الإخوانى بعد مرحلة الولاء والطاعة، ويقدم لهم على أنه النموذج الذى لا بد وأن يصبح عليه كل شاب إخوانى. الرجل استطاع فى وقت قليل أن يسيطر على الوزارة، وهى من ضمن الوزارات التى لا تسمع عن اضطرابات أو مظاهرات فئوية فيها، وهو مسيطر سيطرة كاملة على كل مراكز الشباب وترك رئاستها لرجال الحزب الوطنى المنحل، لذلك لم يسببوا له أية مشكلات تذكر.
وطارق وفيق وزير الإسكان، وهى الوزارة الأخرى التى لا يوجد بها تظاهر أو اعتصام منذ أن قدِم الرجل إليها وقد وكل إليه مهام بعيدة كل البعد عن وزير الإسكان كملف تطوير مشروع شرق التفريعة وقناة السويس ومشروع تنمية سيناء. أما الآخران الأهم فى الجيل الجديد الأمريكى الرخوانى فهما إيهاب على ومراد على فى الرئاسة، كل هؤلاء من رجال الإخوان منذ أن كانوا طلبة، والغريب أنهم جميعا لم يقبض عليهم ولو لمرة واحدة فى حياتهم ولم يشتبه بهم، ولم يتم التحقيق معهم مطلقا فى أمن الدولة التى كانت تزعم وقتها أنها تعرف دبة النملة فى الإخوان، وكلهم حصلوا على تعليم فى أمريكا وهم الحكام الجدد لمصر فى الفترة ما بعد مرسى، وما بعد إزالة إخوان مبارك من الساحة. الإزاحة لن تطول فقط الإخوان، بل على المعارضة أيضا وقريبا سيصعد الإخوة العملاء من الناشطين السياسيين الليبراليين ومدعى الثورة ومدعى ائتلافات الثورة ستشرق شمسهم وتغيب شمس صباحى وموسى والبدوى وحتى البرادعى وتصبح كل الأطراف متكافئة ومتفقة على عنصر واحد هو استحالة عودة الجيش إلى الساحة السياسية مرة أخرى.. راجعوا كل تصريحات السادة العملاء من شباب الثورة، وهو يرفض عودة الجيش إلى الساحة، وهو نفس طلب الإخوان.. تلك هى اللعبة القذرة. وذلك هو الشرق الأوسط الجديد برجاله الجدد.