فى محاولة لاستعادة جزء من شعبيته المفقودة، راح د.مرسى إلى إحدى قلاع الصناعة «الحديد والصلب» التى أنشأها عبد الناصر فى الستينيات، ليلتقى العمال فى يومهم السنوى، وتمسح فى عبد الناصر ووزير صناعته الوطنى عزىز صدقى، حيث قال إنه سيسير على درب جمال عبد الناصر، وسيواصل نهضته الصناعية، ولن يفرط فى القطاع العام! ولا شك أن هذا يكشف عما يلى:
1- إصرار مرسى على السير فى سياسة التناقضات، ربما يسهم ذلك فى فك طلاسم أزمة حكمه وحكم إخوانه وجماعته، حيث سبق له فى أول خطاب له بميدان التحرير، أن قال: الستينيات وما أدراك ما الستينيات! وبطريقة ساخرة، واليوم يأتى للإشادة بها!
2- محاولة مرسى التزلف لعمال مصر عن طريق مفتاح السر، وهو اسم عبد الناصر وأنه سيلتزم بسياساته! كمحاولة لاسترضاء العمال وشراء سكوتهم وتزييف وعيهم بأنه يكمل طريق عبد الناصر ليحل محله فى ما بعد، وينسى الشعب اسمه! فضلا عن تهدئة العمال الغاضبين ناحيته، وناحية جماعته.
3- رغم كراهية مرسى وجماعته لعبد الناصر ونظامه، فإنه وجد نفسه مضطرا إلى الإشادة بعبد الناصر فى مناسبة عمالية، وهى انتهازية فجة، وفجور سياسى غير مسبوق! فطالما أعلن وأفصح هو وجماعته عن هذه الكراهية، فمن الصعب تقبل أى كلمات شكر لعبد الناصر، لأنها تقع فى خانة التزلف والنفاق والاستدعاء المصلحى وقتما يريدون.
4- فى مجمل سياساته خلال عشرة أشهر، فإن مرسى لم ينتهج خطوة واحدة تؤكد أنه يقدر ويحترم فترة عبد الناصر وإنجازاته، والدليل إعلان حكومته مواصلة الخصخصة، وعدم الموافقة على رد الشركات التى حكم القضاء الإدارى باستعادتها للدولة، وعدم طرح مشروع لنهضة صناعية حقيقية، فهو يميل وجماعته إلى نمط التجارة والوساطة والعمولات والسمسرة، ويسير فى نهج القروض دون قاعدة إنتاجية قوية، فضلا عن استمرار غلق المصانع، وتشريد العمال وعدم إنقاذ أصحاب المعاشات واستمرار أوضاع العمال السيئة منذ نظام مبارك دون إصلاح حقيقى، وبالتالى فإن وعده الجديد بالاستمرار فى سياسة عبد الناصر شىء غير مؤكد كعادته بعدم الوفاء بوعوده، وبالتالى لا يمكن أخذ كلامه عن عبد الناصر على محمل الجد.
5- التوقيت المتأخر فى الإشادة بعبد الناصر، مع التوقيت المبكر فى إظهار الكراهية، يكشفان عن إصرار مرسى وجماعته على الرفض الكامل للاحتشاد الوطنى حول المصلحة العليا للبلاد، والإصرار على الانفراد بالسلطة والاستمرار فى اغتصابها دون مشاركة بقية القوى السياسية والثورية صاحبة الحق الأصيل فى التشارك فى سلطة ما بعد الثورة.
على العكس من ذلك، لو بادر مرسى فى أول خطاب بإظهار رسالة الحب لا الكره لفترة عبد الناصر، ورسالة موازية للقوى السياسية الأخرى، لاختلف الوضع، ولكنها الأنانية السياسية وصفقاتها.
وفى ضوء ما سبق أقول إن ما حاول إظهاره رغم تناقضه مع الكراهية الداخلية، بمحاولة الإشادة بعبد الناصر والسير على سياساته، يقع فى خانة النفاق السياسى الممجوج، والفجور السياسى الصارخ، يذكرنى بنفس سياسات المخلوع مبارك وعصابته ومافيا الحكم، تأكيدا أن ما يجرى حاليا هو امتداد لنفس نظام مبارك بلا مبالغة، والله الشاهد.
ومع ذلك أقول للعمال بكل صدق، إن الاحتفال الحقيقى بعيد عمالنا بعد إزاحة مبارك، يوم أن تنتصر الثورة تماما وتتحقق جميع مطالب العمال وأصحاب المعاشات فى أجر عادل وحد أدنى 1500 جنيه وحد أقصى 15مثل الحد الأدنى، وبيئة سياسية واجتماعية وصحية وثقافية ملائمة، ويوم الانتصار الحقيقى بإسقاط مرسى وجماعته للأبد بإذن الله.
وأخيرا التهنئة للإخوة المسيحيين شركاء الوطن فى عيدهم، وتذكروا أن شم النسيم هو يوم للمصريين جميعا يأتى عقب عيد القيامة لدليل على وحدة هذا الشعب، ونؤكد أن هذا الوطن سيظل واحدا بأبنائه بغض النظر عن ديانتهم أو انتمائهم، وأن أصحاب الفتنة السياسية إلى زوال عما قريب، والله أكبر ويحيا الشعب والوطن. الثورة مستمرة حتى النصر بإذن الله، وما زال الحوار متصلا.