فى أول خطاب لسيادته توجه الأستاذ الدكتور محمد مرسى إلى الشعب فى خطاب من التليفزيون الرسمى للدولة قائلاً لهم جميعاً: أهلى وعشيرتى، وفسّر المؤيدون لسيادته هذا القول بأنه يحاول أن يكون قريباً من الشعب كقرب أى رجل لأهله وعائلته، بمعنى أن الشعب المصرى كله هم أهله وعشيرته. لكن البعض الآخر الذى لم يكن سعيداً بهذا الفوز فسّر هذا القول بأنه يخاطب أنصاره ومؤيديه من جماعة الإخوان المسلمين على اعتبار أنهم هم الأهل والعشيرة، ثم أصبح هذا التفسير مسار تندر كلما توجه السيد الرئيس بخطاب إلى الأمة، وادعى البعض أنه دائماً يخاطب الأهل والعشيرة من جماعة الإخوان المسلمين بالرغم من عدم تكرار هذه الصيغة فى خطاباته بعد ذلك.
وتندر البعض أيضاً على قول جاء فى خطبته الشهيرة بميدان التحرير «وما أدراك ما الستينيات»، واتخذوا منها دلالة على خصومة دفينة بين سيادته والرئيس الأسبق جمال عبدالناصر، لكن هذا التندر انقلب إلى استغراب ودهشة حينما ذهب السيد الرئيس إلى قلعة صناعة الحديد والصلب بحلوان وقال صراحة لا تلميحاً: نحن نكمل ما بدأه مَنْ قبلنا، وذكر اسم الرئيس جمال عبدالناصر فى معرض التذكير بأنه صاحب البدء فى تشييد هذه القلعة الصناعية، ولا يخفى على كل متابع ترحيب العمال الحاضرين بهذه اللفتة إذ صفقوا بحرارة، وأظن أن تحيتهم كانت موجهة للرئيسين كليهما: الرئيس عبدالناصر الذى بدأ بتشييد هذه القلعة الصناعية، والرئيس مرسى الذى تعهد بتطويرها، ويكتسب هذا التعهد مصداقية واضحة بعد زيارته لجمهورية روسيا الاتحادية التى تمت قبل أيام قليلة من احتفال عيد العمال، وروسيا الاتحادية (أكبر جمهوريات الاتحاد السوفيتى السابق) هى التى ساهمت فى إقامة هذا الصرح الصناعى الكبير.
ولقد امتزجت الدهشة الكبيرة بالنقد الواضح حينما علقت إحدى المذيعات الشهيرات قائلة: هل نحن أمام رئيس إخوانى ناصرى؟! وهل لا يخشى الرئيس مرسى حينما ذكر الرئيس عبدالناصر من غضب أهله وعشيرته (تقصد الإخوان المسلمين)؟! وذكّرت المشاهدين بمقولة ميدان التحرير «وما أدراك ما الستينيات».
وأقول إن الإنصاف يقتضى أن نعطى كل ذى حق حقه، فالرئيس جمال عبدالناصر كانت له إنجازاته فى مجالات الصناعة والتعليم والصحة، وكانت له إخفاقاته الشديدة فى مجالات حقوق الإنسان والديمقراطية والصراع مع المحتل الصهيونى. والرئيس أنور السادات هو صاحب الإنجاز فى انتصار أكتوبر عام 1973، ومن خطاياه أنه لم يستثمر هذا النصر فى مكسب سياسى بل ارتمى فى حضن الأمريكان، هذا فضلاً عن بداية سياسة الانفتاح الاقتصادى التى زادت الغنىّ غنىً والفقير فقراً. حتى الرئيس المخلوع كان من القادة المنتصرين فى حرب أكتوبر 1973 لكنه ترك الحبل على الغارب لأسرته وللمحيطين به فاستشرى الفساد والاستبداد والتزوير حتى قامت ثورة 25 يناير.
هذا من الإنصاف، والإنصاف لا يغضب أحداً، وعلى ذلك لن يغضب الأهل والعشيرة، أقصد لن يغضب أحدٌ من شعب مصر (ومن بينهم الإخوان المسلمون).