سافرت الأسبوع الماضى إلى دولة الإمارات العربية المتحدة بدعوة كريمة من الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب، الدكتور على بن تميم المفكر المعروف، لحضور توزيع جوائز جائزة الشيخ زايد للكتاب، تلك الجائزة التى طالما يحلو لى أن أصفها بـ«نوبل العرب» لصدقها وتميزها ونزاهة القائمين عليها منذ بدأت برئاسة الزميل والصديق الأستاذ راشد العريمى، رئيس تحرير جريدة الاتحاد السابق.
وصلت أبو ظبى لحضور فعاليات الجائزة التى تقام على هامش معرض أبو ظبى الدولى للكتاب.. تجولت فى المعرض التقيت كتاباً ومفكرين مصريين وإماراتيين.. مثقفين وأناساً عاديين.. الكل يرحب بك ويسألونك إيه الأخبار فى مصر؟ وكأن الفضائيات وفيس بوك وتويتر والصحف والبرامج لا تبث أخباراً عن مصر أو غيرها.. ربما يسألونك لأنهم قلقون على مصير أكبر بلد فى الشرق الأوسط بعد وصول «الجماعة» إلى الحكم.. وربما يسألونك لأنهم قلقون على مستقبل بلادهم التى يرون أن من يتولون إدارتها هم خطر عليها وعليهم.. وربما يسألون لأننى أعمل صحفياً ويعتقدون أننى أعرف أكثر منهم. الأهم من كل هذا وذاك يتبعون السؤال بسؤال: هى مصر رايحة على فين؟.. والإخوان مكملين ولا هيمشوا.. تأتى إجابتى ساخرة: «الإخوان هيخدونا لفة».. إيه المشكلة ألم تتحملوا نظام مبارك 30 سنة.. يأتى تعليق من أخ إماراتى بطريقة مصرية «بس أيام مبارك كان فى دولة» أرد بكل حسم ساخرا!! «واليوم توجد أيضاً دولة ولكن على طريقتهم.. طريقة- لا مؤاخذة - الإخوان».
أغرب شىء أننى فى السنوات الماضية كان كل المصريين دون استثناء يفكرون فى الرجوع والعودة إلى بلادهم.. إلى مصر للاستقرار بعد غربة السنين.. والآن الكلمة التى تتردد «اوعى ترجع.. هتروح تعمل إيه الإخوان خربوها».
أعود إلى جائزة الشيخ زايد، شخصية العام الثقافية، التى فاز بها هذا العام الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الذى أعجبتنى رسالة الطمأنة التى بعث بها إلى الشعب المصرى والعربى من خلال سؤال أجاب عنه لمحرر جريدة «الاتحاد» حول أخونة الأزهر، قال الشيخ: «الأزهر بطبيعة تكوينه ومناهج تعليمه عصىّ على الذوبان فى حزب أو جماعة أو فصيل أو أى توجه آخر، والأزهر دائما فى موقع القيادة وليس فى موقف التبعية، وسيظل الأزهر كما هو حصن الوسطية فى مواجهة كل الانحرافات السياسية والفكرية التى قد تظهر عند هذا الفصيل أو ذاك، تلك مهمته الدينية والتاريخية والوطنية ولن يتخلى عنها أبداً بأى حال من الأحوال».
وعن الفتنة الطائفية قال: «كثير من قضايا الفتنة الطائفية مُفتَعَلَةٌ، ومضخمة إعلامياً، أو هى مشاكل مجتمعية لا علاقة لها بالدين، وقد تلعب فيها أحياناً بعض القوى الخارجية دوراً سلبياً، والأزهر والكنيسة معاً، ويبذلان جهداً كبيراً فى جمع الشمل، ووأد الفتن فى مهدها، وكشف ما يدبر لمصر وشعبها، وأملنا كبير أن تحتفظ مصر بموقعها الرائد نموذجاً للوحدة الوطنية والنسيج المجتمعى الواحد فى العالم كله».
فى النهاية..عندما نظرت إلى عينى الشيخ وهو يتسلم الجائزة وصلنى شعور بأن الرجل حزين جداً.. وقلت لنفسى: ولم لا يكون حزينا وهو يصد منذ ما يقرب من العام كثيراً من المؤامرات والمشاكل المفتعلة والهجوم المتكرر من أصاغر قصار القامة والقيمة على كل المستويات.. هذا الشعور بالحزن.. أحزننى شخصياً، ولم لا أحزن، خاصة أننى أحب هذا الرجل الذى له من اسمه نصيب.. فى النهاية سأسمح لنفسى مستئذناً بأن أقول له «يا طيب لا تحزن فإن بعد العسر يسرا».
المختصر المفيد:
يقول محيى الدين بن عربى
لمعَ البرقُ علينا عشاءً وكمثلِ الصبحِ ردَّ المساءُ
وسطا باسمٌ حكيمٌ فأخفى زمن الصيفِ وأبدى الشتاء
زرعَ الحكمة فى أرضِ قومٍ وكساها من سناه البهاءُ