معركة الإخوان المسلمين الحالية مع القضاء والإعلام والجيش والأزهر ليست معارك وهمية أو افتراضية أو حتى قابلة للمكسب والخسارة بالنسبة لهم، فالمعركة ببساطة، وكما يعلم الجميع، معركة بقاء وانتهاز فرصة تاريخية لا تتكرر كثيراً، لكن لمحاولات السيطرة والهيمنة تلك بخلاف الدوافع المعروفة أصولاً متجذرة فى طبيعة التنظيمات الفاشية والنازية، أو التى تريد إقامة دولة فاشية، وإرساء قواعدها فى عمق الدولة، فإطلاق تعبير الفاشيين والنازيين على الإخوان ليس اجتراء أو ضربا من خيال أو تجنيا بغير حق، وليس استخداما معيبا لمرادفات لا تحمل معنى أو لا ترتكز على أصول وقواعد، وفى بيان ذلك ولفهمه وإدراكه يمكنك يا عزيزى إلقاء نظرة على كتاب «الفاشية بين النظرية والتطبيق» لديفيد رينتون وترجمة عصام محمد محمود، والصادر عن مكتبة جزيرة الورد، الذى يرصد بكثير من العمق نشأة الظاهرة وخصائصها وتجلياتها بما يعينك على فهم بعض تصرفات الإخوان المسلمين الحالية.
فيذكر الكاتب بعض خصائص الفاشية كما تصورها الكاتب ستانلى باين، أحد مؤرخى فاشية أوروبا، حيث أورد أنها تتميز على مستوى الفكر الأيديولوجى والأهداف بعدة أشياء، منها إنشاء دولة قومية سلطوية جديدة، وهدف أن تكون إمبراطورية، وعلى مستوى الأسلوب والتنظيم بالشروع فى التعبئة الجماهيرية مع عسكرة العلاقات والأساليب السياسية، واستهداف تكوين ميليشيا الحزب واستخدام العنف.
كما أورد الكاتب توصيفاً لها لـ«روجيه جريفين» على مستوى رصد أعدائها، حيث قال إن الفاشية معادية لليبرالية، وتناهض المحافظة، ومضادة للعقلانية والاشتراكية، وهى شمولية وعنصرية وانتقائية.
كما يرى جريفين أن الفاشية تظهر على السطح عندما تعتبر أمة نفسها فى أزمة، كما أنها تأخذ شكلا من أشكال القومية، وهنا يأتى سر أهمية وجود ما يسمى التنظيم الدولى للإخوان، أو حتى الرغبة فى وجوده.
يشير ديفيد رينتون لغرض ميز الفكر الفاشى الإيطالى فى تعبئة الناس للحرب العنصرية وحثهم، وتعزيز الرغبة لديهم فى التوسع إلى ما لا نهاية من أجل البقاء على قيد الحياة، وغرس فيهم الشعور بتفوق جنسهم على السود، وهو على غرار فكرة الطليعة المؤمنة الأفضل من المجتمع فى فكر الإخوان، كما بالضبط ترسيخ فكرة الحرب ضد الكل من أجل البقاء، التى يرسخها الإخوان فى ذهن أعضاء تنظيمهم.
ما يجهله الإخوان أن الظروف المجتمعية المهيأة لقبول الفاشية غير متوفرة فى مصر، فضلا عن أن الدولة النازية حتى بنص الكاتب كانت قد حققت درجة غير عادية من الدعم الشعبى، وهو ما مكنها من سحق معارضيها ومن القدرة الجيدة على استخدام السلطة بعقد الاتفاقات مع النخبة التقليدية فى تنسيق مؤسسات الدولة القائمة.
لكن أيضا فشل الحزب الديمقراطى والاشتراكى ونقابات العمال فى تقديم مقاومة واضحة للنظام النازى بمعنى الأيديولوجية البديلة أو الهيكل التنظيمى الواضح- كان سببا مهما فى تمكنها، وهى الرسالة المهمة للمعارضة.