الشاب عمر هو نجل الدكتور محمد مرسى القائم بأعمال رئيس الجمهورية، ولا يَعرف له الرأى العام سوى هذه الصفة، فلا يشيع عنه أنه متفوق فى الدراسة أو فى الرياضة أو فى الأدب أو الفن، وليس له نشاط خيرى، ولم يُذْكَر عنه أنه شارك فى أحداث ثورة يناير مع الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب ممن فى مثل عمره وأصغر، وحتى بعد نجاح الثورة فى الإطاحة بمبارك لم يُسجَّل له دور ضد حكم العسكر، بل إنه لم يشارك مع شباب جماعة الإخوان المسلمين فى وقفاتهم ولا فى تلبيتهم لأوامر الجماعة فى العدوان على المعارضة!
وقيل إنه كان مشغولا منذ دخوله القصر الرئاسى مع والده فى التسلية والترفيه بالاستفادة من المرافق والتجهيزات والإمكانيات التى أسسها جمال مبارك على حساب الشعب، وكان منها مجموعة من الخيول مع طاقم من المدربين والسياس، ونشرت بعض الصحف آنذاك أن الشاب عمر بدأ فى تلقى دروس فى ركوب الخيل، ولم يصدر عنه تكذيب!
وبرغم كل هذا الابتعاد فى الأزمات، يبدو أنه قرر أن يقوم بعملية حرق للمراحل وأن يطرح نفسه فى قلب الحياة العامة فى أدوار البطولة مباشرة ودون أن يمر بمرحلة الكومبارس الصامت التى يليها مستوى الكومبارس المتكلم، ثم يأخذ فى التدرج عبر مشوار طويل، إذا كانت هنالك مؤشرات واعدة بالنجاح، حتى يصل إلى ما يتوهم أنه نقطة البدء التى لا يليق به أن ينطلق من أقل منها!
وكان والده قد تولى الرئاسة فى غفلة من الزمان لم يتأهل لها فكريا ونفسيا أحد من أفراد الأسرة ولا حتى الوالد شخصيا، وبعد فترة من هذا اليوم الكارثى، قرر الشاب عمر أن يُتحفنا من آن لآخر بآراء لوذعية كان يمكن أن تكون مادة باعثة على الضحك والتفكه لولا أجواء الكآبة الضاغطة التى يعانى من وطأتها الشعب بسبب السياسات الكارثية التى يتحمل وزرها دستوريا وقانونيا السيد الوالد.
وكانت آخر إبداعات الشاب النابه قبل أيام تغريدة على حسابه الشخصى على تويتر، ولم يصدر عنه ما يفيد بأنها مدسوسة عليه، هاجم فيها فضيلة شيخ الأزهر فى معنى ضمنى بأنه قد قَصَّر فى مسؤولياته عندما ذهب إلى حفل لتكريمه فى دولة الإمارات وترك أولاده طلاب جامعة الأزهر ليكونوا ضحايا التسمم الغذائى فى مدينتهم الجامعية، برغم أن حادثة التسمم كانت تالية لسفر شيخ الأزهر! وراح الشاب مبتدئ السياسة توا يُنَبِّه شيخ الأزهر بأن الراعى مسؤول عن رعيته، ووجَّه له كلاما مباشرا: «هؤلاء هم رعيتك يا شيخ الأزهر»، وختم كلامه بنصح الشيخ، وربما كان يقصد تهديده، بأن يقدم استقالته لأن هذا أكرم له!!
ويتصادف أن يأتى هذا الموقف الجسور متزامنا مواكبا متوافقا مع الهجوم المنظم من جماعة الإخوان ضد شيخ الأزهر الذى يُصرّ على أن ينأى بالمشيخة عن اللغط السياسى وأن يحميها من مؤامرة الإخوان للسيطرة عليها.
وكانت السخرية المريرة هى أول ردود الأفعال على الأفكار العميقة للشاب عمر، وذكَّره بعض شباب الفيس بوك أنه بتطبيق قاعدة الراعى ومسؤوليته عن رعاياه فقد كان من الأولى إخضاع والده للمساءلة فى ضحايا عدة كوارث منها قطارات الصعيد منذ توليه وفى قصر الاتحادية وفى بور سعيد، بل وفى تسمم الطلاب أيضا.
لم يلحظ الشاب عمر هذا الاضطراب البادى على فكرته، بل وتناقضها مع منطق الدفاع عن والده، بما يجعلها تنقلب عليه وتعمل فى غير صالحه، وكان من الأفضل له أن يصمت ما دام أنه كان صامتا، وما دام أنه ليس لديه جديد، وما دام أن أى رأى يقوله لن يُنسب لشخصه وإنما إلى نجل الرئيس. ولكن أسباب الغواية دائما موجودة، منها نظرات الإعجاب من صحبته بعد أن بات لديه وضع مميز فى وسطهم يجعل أى كلام فارغ يقولة مثار تعليقات فى وسائل الإعلام، كما يغويه أيضا أن هناك دائما أصواتا جاهزة للدفاع عن نجل أى رئيس وعن حقه، ويقولون إن مثله مثل أى مواطن فى إبداء رأيه وفى المشاركة فى العمل العام! ويبدو أن هذه الأخطاء ناجمة عن خلل جينى سائد فى العائلة يجعلهم يبادرون بأقوال وأفعال هى فى الأساس من واجبات منافسيهم وخصومهم وأعدائهم.
وإنْ كان البعض يجد للشاب عذرا وهو يرى والده ومرشده وحزبهم وجماعتهم وأنصارهم يستنسخون نظام مبارك فتخيل أن عليه فى هذه المرحلة أن يكرر دور جمال مبارك، فاستلهم سكته التى بدأت بخلط قرابة الدم باستحقاق ممارسة جزء من الصلاحيات الرسمية التى لا تحق له.
وأما خطأ الشاب عمر فى حق نفسه فهو أنه لم يتعظ مما آل إليه حال جمال مبارك!